سورة فصلت ٤١: ٣٠
{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِى كُنتُمْ تُوعَدُونَ}:
{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ}: إن: للتوكيد، ربنا الله: جمعوا بين وحدانية الربوبية ووحدانية الألوهية والأسماء والصفات. أيْ: آمنوا بالله وحده وهو خالقهم.
{ثُمَّ اسْتَقَامُوا}: ثم حرف عطف، يدل على تباين منزلة الاستقامة على الإيمان، وليست للترتيب والتراخي في الزمن، وإنما تدل على ما بعدها أعظم مما قبلها.
اسْتَقامُوا: التزموا بمنهج الله والقرآن والسنة، والدوام على تقوى الله بإطاعة أوامره وتجنب نواهيه، والتزموا بالوسطية، لا إفراط ولا تفريط. وأخلصوا دينهم لله بالتوحيد (الألوهية والربوبية والصفات والأسماء).
والاستقامة: نقيضها: الاعوجاج ومشتقة من السير على طريق مستقيم لا اعوجاج فيه.
{تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا}: تتنزل على المؤمنين في حالة الاحتضار مرحلة الوفاة التي تسبق الموت، أيْ: خروج الروح من البدن، ولم يقل: تنزل كما في قوله: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا} القدر: ٤؛ تتنزل: تدل على كثرة التنزل كما هي الحال لقبض الأرواح عند الموت، وهذا يحدث بكثرة، بينما تنزل (تاء واحدة): تدل على قلة التنزل، كما يحدث في ليلة القدر تنزل الملائكة والروح مرة في العام، وليس دائماً، كما نراه حين الوفاة والموت.
{أَلَّا تَخَافُوا}: ألا: مركبة من أن ولا. أن: مصدرية للتعليل والتوكيد، لا: الناهية. تخافوا: من الموت أو البرزخ أو يوم البعث والآخرة. ألا تخافوا: مما هو قادم عليكم والخوف هو الغمُّ الناتج لتوقُّع مكروه قادم مشكوك في وقوعه.
{وَلَا تَحْزَنُوا}: وتكرار (لا): يفيد التوكيد، ولا تحزنوا على ما خلفكم من أهل وولد ومال، ولا تخافوا ولا تحزنوا لفصل الخوف عن الحزن كلًّا على حِدَةٍ، أو كلاهما معاً، والحزن: هو الغمُّ الناتج عن أمر وقع أو فوات نفع في الماضي، لا تخافوا ولا تحزنوا من الآن فصاعداً.
وتحزَنوا: من الحزَن، ولمعرفة الفرق بين الحَزن والحُزن، ارجع إلى سورة الأنعام آية (٣٣) للبيان.
{وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ}: الباء: باء الإلصاق، وتدخل على ما هو مدار الكلام، والبشرى: الإخبار بأمر مُسر لأول مرة بالجنة.
ارجع إلى سورة النحل آية (٨٩) لمزيد من البيان في معنى بشرى.
{الَّتِى كُنتُمْ تُوعَدُونَ}: كنتم في الحياة الدينا توعدون على ألسنة الرسل وفي القرآن وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم.