سورة الشورى ٤٢: ٣٦
{فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَىْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}:
{فَمَا}: الفاء استئنافية، ما شرطية, وإذا قارنا هذه {فَمَا أُوتِيتُمْ} مع الآية (٦٠) في سورة القصص, وهي قوله تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ} نجد أن الاختلاف في حرف (الفاء) وكلمة الزينة, والسبب يعود إلى أن آية الشورى جاءت في سياق {لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} فحذف منها وزينتها؛ لأن الذين آمنوا لا يفترون بالزينة, وأضاف حرف الفاء؛ لأن ما قبلها يتعلق بما بعدها, وأما آية القصص جاءت في سياق الذين يفترون بالحياة الدنيا وزينتها, والواو: استثنائية (كلام جديد) أو آية جديدة.
{أُوتِيتُمْ مِنْ شَىْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}: أوتيتم من الإتياء؛ وهو العطاء بدون تملّك، ويمكن استرداده، والإيتاء أعمّ من العطاء، من: استغراقية تستغرق كلّ شيء من مال ومسكن وملبس ومركب ونكاح، فمتاع الحياة الدّنيا: الفاء رابطة لجواب الشّرط، متاع الحياة الدّنيا: هو ما ينتفع به الإنسان في حياته، وهو متاع مؤقّت وزائل أو زهيد بالنّسبة لما في الآخرة من نعيم دائم وباقٍ، ارجع إلى سورة القصص الآية (٦٠) للبيان والمقارنة.
{وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى}: من نعيم، خير وأبقى: لأنّه نعيم دائم لا ينقطع ولا ينفد.
{لِلَّذِينَ}: اللام لام الاختصاص، الّذين: اسم موصول يفيد المدح.
{آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}: أي ما عند الله خير وأبقى لهؤلاء الّذين آمنوا بالله, وملائكته, ورسله, واليوم الآخر وعلى ربهم يتوكلون؛ ارجع إلى سورة الأعراف الآية (٨٩) لبيان معنى التوكل؛ ثم وصفهم بعشر الصفات التّالية في الآيات (٣٦-٣٩) وهي:
١ - الإيمان.
٢ - التّوكل.
٣ - اجتناب كبائر الإثم.
٤ - الفواحش.
٥ - عدم الغضب والمغفرة لمن أساء إليهم.
٦ - استجابوا لربهم في كلّ ما دعاهم إليه.
٧ - أقاموا الصّلاة.
٨ - أمرهم شورى بينهم.
٩ - مما رزقناهم ينفقون.
١٠ - إذا أصابهم البغي هم ينتصرون.
آمنوا بربهم وبرسله وملائكته واليوم الآخر.
{وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}: التّوكل يعني: رد الأمر إلى من يملك تدبير كلّ الأمور راجياً عونه وتيسيره وتوفيقه للوصول إلى الغاية. ارجع إلى سورة الأعراف آية (٨٩) لمزيد من البيان في التّوكل.