سورة الجاثية ٤٥: ٢٣
{أَفَرَءَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ}:
المناسبة: فكيف بعد أن جعلنا لكل أمة منكم شرعة ومنهاجاً وسخرنا لكم السّموات والأرض وما فيهما منكم ما زال يريد أن يتخذ إلهه هواه.
{أَفَرَءَيْتَ}: الهمزة للاستفهام والتّعجب والإنكار، والفاء للتوكيد، أرأيت: الرّؤية هنا قلبية فكرية بمعنى: أخبروني بعلم ويقين.
{مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ}: أيْ: من جعل هواه معبوده، أيْ: يعبد هواه ويطيعه كما يخضع العابد للمعبود والهوى، لتعريفه ارجع إلى الآية (١٨) من نفس السّورة.
{وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ}: أي: الّذي اتخذ إلهه هواه على علم أنّه على ضلال حين اتبع هواه وبما أنّه استمر على ضلاله ولم يتب ويرجع عن ذنبه وأصرّ على ضلاله، ولم يعد هناك أملاً في هدايته فالله سبحانه تعالى يتركه وشأنه ويزيده ضلالاً؛ لأنّه اختار لنفسه طريق الضّلال.
{وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ}: ثمّ إذا تمادى في ضلاله يختم الله على سمعه فيصبح كأنه أصم ويختم على قلبه. فلا يدخله إيمان أو يخرج منه كفر.
{وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً}: فلا يعد يبصر طريق الحق أو الهداية.
{فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ}: فمن: الفاء: للتوكيد؛ من: للاستفهام، وتفيد التقرير؛ أي: لا أحد يستطيع أن يهديه من بعد أن ختم الله سبحانه، على سمعه وقلبه.
{أَفَلَا تَذَكَّرُونَ}: الهمزة للاستفهام التّوبيخي والإنكار، فالفاء لزيادة الإنكار على عدم التّذكر، الا: أداة تنبيه وحضٍّ وتحمل معنى الأمر، أي: تذكرون تتعظون وتتبعوا ما أمر الله، وتتجنبوا ما نهى الله عنه، وتتجنبوا الهوى والشهوات، وهذا التّذكر لا يحتاج إلى زمن طويل، كما لو قال: أفلا تتذكرون وأنه لا الذي يحتاج إلى زمن طويل أحد يستطيع هدايته من بعد الله.