سورة الأحقاف ٤٦: ١٦
{أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّـئَاتِهِمْ فِى أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِى كَانُوا يُوعَدُونَ}:
{أُولَئِكَ}: اسم إشارة واللام للبعد يشير إلى التّعظيم وعلو المنزلة.
{نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا}: نتقبل عنهم، ولم يقل: نتقبل منهم أعمالهم الصّالحة، فما هو الفرق بين نتقبل عنهم ونتقبل منهم؟
نتقبل عنهم: أيْ: نتقبل العمل الصّالح نفسه أو العمل الصّادر عن العبد كالصّلاة والصّدقة والصّوم.
نتقبل منهم: أيْ: نتقبل من الجهة القائمة بالعمل الصّالح، أيْ: من العبد نفسه.
مثال: الصّلاة كعبادة هي عمل صالح، ولكن لا يقبلها الله من المنافق أو المبدع أو المحدث هنا تقول: لا نقبل منهم.
مثال: إنسان مؤمن موحد يعمل صالحاً نتقبل عنه عمله الصّالح ونتقبل منه؛ لأنّه مؤمن.
مثال آخر: إنسان مؤمن يتصدق رياء لا نقبل صدقته الصّادرة عنه ونتقبل منه صلاته، وقد يسأل سائل أحسن ما عملوا: أحسن على وزن أفعل التّفضيل فما بال العمل الحسن ألا يتقبل منه، نقول له: الأحسن يشمل الحسن والأحسن.
{وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّـئَاتِهِمْ}: أيْ: نعفو عنها ولا نعاقبهم عليها بعد التّوبة والإنابة إلى الله تعالى، حتّى لا تتلاشى حسناتهم فلا نطبق فرضية إنّ السّيئات يذهبن الحسنات، ولو طبقت هذه الفرضية لكان كلّ واحد منا مفلساً يوم القيامة.
{فِى أَصْحَابِ الْجَنَّةِ}: ولم يقل: مع أصحاب الجنة: أيْ: هو من المكرمين فهو أحد منهم وليس معهم؛ لأنّ معهم قد يكون معهم وليس فيهم منعزلاً لوحده، وهو موجود معهم.
{وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِى كَانُوا يُوعَدُونَ}: في الدّنيا، وقيل: الوعد: هو قوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا} التّوبة: ٧٢ وعد الصّدق: أيْ: وعد الحق الّذي لا يتغيَّر ولا يتبدَّل، وعد: مصدر مؤكَّد لفعل وعد وقوله تعالى: نتقبل ونتجاوز، فهذا وعد من الله سبحانه.