سورة آل عمران ٣: ١٦٦
{وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ}:
{وَمَا أَصَابَكُمْ}: الواو: استئنافية، ما: اسم موصول، أصابكم: حدث لكم وحل بكم.
{يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ}: يوم أُحُدٍ (يوم التقى جمع المؤمنين وجمع الكافرين).
{فَبِإِذْنِ اللَّهِ}: بعلم الله، وأمره، وبإرادته، وقضائه. الفاء: للتوكيد، والباء: للإلصاق.
{وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ}: عاطفة. ليعلم: اللام: لام التوكيد (وقيل: التعليل).
هناك إشكال في فهم هذه الآية من قبل البعض.
فقوله: {وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ}، {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا}: أي: ما حدث وجرى يعلمه الله سبحانه منذ الأزل أنه سيحدث، وسيقتل منكم (٧٠)، ويعلم نتيجة المعركة قبل أن تحدث.
وما جرى يوم أُحُدٍ من الأحداث؛ لكي يعلم المؤمنون أنفسهم، والذين نافقوا أنفسهم، وغيرهم بتلك الحوادث.
فلا يستطيعون إنكارها، وتقام عليهم الحجة، فكيف تقام عليهم الحجة، فقد يقول قائل: أنا مستحيل أن أعصي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أو أخالف أمره، ولن أترك مقعدي على أحد هذا مجرد تصريح منه، فإذا اختبرناه وامتحناه فعلاً، وقام بذلك فقد أقام لنفسه الحجة، وفاز، وأما إذا خالف، وعصى، وترك مقعده راكضاً وراء الغنيمة، ثم انهزم من أرض المعركة عندها تقام عليه الحجة، فلا يستطيع إنكار ذلك، وتظهر له نتيجة عمله، فلا يستطيع إنكارها.
{وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ}: ولم يقل: الذين آمنوا؛ لأن هناك فرقاً بين الذين آمنوا، والمؤمنين:
فأما المؤمنون: فهم الذين أصبحت صفة الإيمان ثابتة لهم، وصلوا إلى درجة الإيمان، ونالوا ذلك.
وأما الذين آمنوا: لا زالوا في طريقهم إلى الوصول إلى درجة الإيمان الثابت التي وصل إليها المؤمنون، فالذين آمنوا يتجدَّد، ويتكرَّر إيمانهم، أما المؤمنون إيمانهم ثابت، ومستمرٌّ لا يتغيَّر.