سورة آل عمران ٣: ١٦٧
{وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَّاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَا لَيْسَ فِى قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ}:
{وَلِيَعْلَمَ}: الواو: عاطفة، ليعلم: اللام: للتوكيد (لها نفس معنى: وليعلم المؤمنين).
{الَّذِينَ نَافَقُوا}: وهم جماعة عبد الله أُبي حيث خرجوا للقتال مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم أُحُدٍ، ولكن بعد مسيرهم بعض الطريق تخاذلوا رجعوا، وكان عددهم ثلث المقاتلين، ولما اتخذ هؤلاء المنافقون القرار بالانسحاب، والرجوع، وعدم القتال قيل لهم:
{وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ}: كما يقاتل المؤمنون. {أَوِ ادْفَعُوا}: أي: دافعوا عن أموالكم، وأنفسكم، وأهليكم على الأقل إذا كنتم لا تريدون الجهاد في سبيل الله.
قال المنافقون للمؤمنين:
{لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَّاتَّبَعْنَاكُمْ}: أي: ما خرجتم إليه يوم أُحُدٍ هو ليس قتالاً، ولا دفاعاً، بل هو إلقاء بأنفسكم إلى التهلكة (لأن رأي عبد الله بن أُبَيٍّ كان الإقامة في المدينة، وعدم الخروج والتصدي لقتال المشركين في المدينة، وليس في خارج المدينة)؛ حيث كان لهم سابق خبرة أن القتال خارج المدينة سيورث الهزيمة، والقتل؛ لذلك رفض هؤلاء المنافقون، واحتجوا بتلك الذريعة، وقالوا: لن نتبعكم؛ لأن هذا ليس قتالاً، وإنما هو انتحار.
{هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ}: أي: يوم تخاذلوا، ورجعوا، وقالوا: لن نتبعكم هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان؛ أي: ابتعدوا كثيراً عن الإيمان إلى الكفر.
{يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَا لَيْسَ فِى قُلُوبِهِمْ}: ينطقون بالإيمان بألسنتهم فقط، وليس في قلوبهم إلا الكفر (النفاق)، أو يقولون: نحن أنصاركم، وأعوانكم، وهم أعداء يريدون السوء للمؤمنين.
{وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ}: من النفاق، والعداوة. والكتمان: هو الإخفاء الذي يختص بالأمور المعنوية؛ كالإسرار، والإخبار.