سورة الحديد ٥٧: ١٣
{يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ}:
{يَوْمَ}: تعود على: يوم القيامة، أو على: يوم ترى المؤمنين والمؤمنات.
{يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا}: المنافقون هم الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم (أظهروا الإسلام أخفوا الكفر) يقولون للذين آمنوا: (الذين نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم).
{انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُّورِكُمْ}: وهذا يدل على أنهم في ظلمة؛ أي: أمهِلونا أو اصبروا قليلاً حتى نلحق بكم ونقتبس من نوركم (انظرونا: اصبروا قليلاً) أو انظرونا قليلاً ولم يقولوا انتظرونا؛ لأن الانتظار فيه تمهُّل وإبطاء، فهم يطلبون من المؤمنين والمؤمنات أقل وقت أو زمن حتّى يتمكّنوا من استخدام نور المؤمنين في رؤية طريقهم أو ما حولهم؛ لأنّهم لا نور لهم. وهناك احتمال قليل أن يكون معنى انظرونا: أي انظروا إلينا قليلاً بوجوهكم أو نوّروا علينا بنوركم, نقتبس من نوركم: جمع نور؛ نور كل مؤمن ومؤمنة، ونوركم: يدل على عظم هذا النور (نقتبس) صيغة مبالغة من القبس على وزن نفتعل, القبس: أي نأخذ من نوركم أو نستفيد منه، والقبس يعني شيئاً قليلاً: واقتبس منه ناراً أو علماً؛ أي: استفاد منه.
{قِيلَ}: مبني للمجهول؛ لأنه ليس مهماً معرفة القائل والمهم المقولة، وقيل: القائل هم الملائكة.
{ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا}: أي استديروا وارجعوا إلى ورائكم باحثين عن نور آخر، وهذا نوع من التّوبيخ والتّهكّم، فليس هناك نور آخر. أو: ارجعوا وراءكم إلى الدنيا فالتمسوا نوراً: الفاء للمباشرة والتّعقيب, الالتماس: هو الطّلب، والتماس هذا النّور، وطلبه كان يجب أن يكون بالإيمان والعمل الصّالح في الدنيا وليس الآن.
فيرجعون باحثين عن ذلك النّور، فيضرب بينهم وبين المؤمنين بسور؛ أي: حاجز أو حائط. ومنهم من قال: هو السّور الذي ذكر في سورة الأعراف: {وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ} الأعراف: ٤٦.
{لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ}: أي داخله أو باطنه فيه الرّحمة (أي جانب المؤمنين).
{وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ}: أو خارج السّور أو ظاهره العذاب؛ أي: حيث يوجد المنافقون.