سورة الحشر ٥٩: ٦
{وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ}:
{وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ}: وما: الواو: عاطفة على ما قطعتم من لينة؛ ما: شرطية، أفاء: أيْ: ما أعطى الله رسوله -صلى الله عليه وسلم- من فيء بني النّضير (غنائم بني النّضير) هو خاص به، ولا شيء لكم منه، فالأمر لله تعالى يعطي أو يقسم الفيء، كما يشاء الله، فهذه أموال لم تأخذونها بالقتال أو الحرب.
أما الفرق بين الفيء والأنفال: فالفيء هي الغنائم التي تؤخذ من العدو من دون قتال؛ كأن يفر العدو من أرض المعركة تاركاً وراءه غنائم أو أسلحة أو أموال أو كان نتيجة عقد صلح وسلام، أما الأنفال: فهي الغنائم التي تؤخذ من العدو بقتال وحرب. ارجع إلى سورة الأنفال آية (١) للبيان.
{فَمَا}: الفاء للتوكيد.
{أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ}: الإيجاف الإسراع في السّير، أيْ: ما أسرعتم بالمسير إليه بالركوب، الركاب: ما يُركب من الإبل أو السّيارات أو وسائل النّقل الحديثة. أيْ: لم تقاتلوا عدواً من أجله أو تبذلوا جهداً للحصول عليه.
{وَلَكِنَّ}: حرف استدراك وتوكيد.
{اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ}: رسلَهُ محمّد -صلى الله عليه وسلم- على من يشاء من أعدائه، ورسله قد تعني أيضاً ملائكته فيقذفون الرّعب في قلوب أعداء الله تعالى.
{وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ}: أيْ: يمنح هذه الغنائم لمن يشاء تارة بحرب، وتارة من دون حرب، فهو على كل شيء قدير. ارجع إلى الآية (١) من سورة التّغابن للبيان.
أيْ: هذه الغنائم من بني النّضير أخذت منهم قهراً وعنوة، ومن دون قتال فلم يعطِ الأنصار نصيباً منها حيث طلبوا قسمة تلك الغنائم، ولكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعطى هذه الأموال للمهاجرين، وقسمها حسب ما أوحى إليه ربه، ولم يعط الأنصار إلا ثلاثة نفر منهم.