سورة الحشر ٥٩: ٧
{مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِى الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَىْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}:
{مَا أَفَاءَ اللَّهُ}: ما: اسم شرط جازم، ولم يسبقها واواً كما في الآية السابقة (٦)؛ لأن الكلام استئناف، أو هذه الآية ليس لها علاقة بما سبق؛ فهي حكم جديد في أمر الفيء؛ فقد كان البيان الأول: ما أفاء الله على رسوله منهم (هذا أمر خاص ببني النّضير).
أما البيان الثّاني: فهو بيان عام يشمل كل الكفار والأعداء وهو ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى كافة التي تفتح من دون قتال أو حرب (قرى الكفار عامة).
فهي توزع كما يلي (١/ ٥) خُمس هذه الغنائم هي لله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السّبيل.
أما الأربعة أخماس الأخرى (٤/ ٥) فللفقراء الذين أخرجوا من ديارهم وأبنائهم؛ تعني: المهاجرين وبعض الفقراء خاصة.
{فَلِلَّهِ}: تعني: رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقيل: سهم الله للتعظيم أو يعني للرسول، ويصرف سهم الرّسول بعد موته -صلى الله عليه وسلم- على الإمام أو الجيش أو مصالح المسلمين، وسهم ذي القربى: يوزع على بني هاشم وبني عبد المطلب.
وسهم اليتامى: أطفال المسلمين الذين فقدوا آباءهم وهم فقراء.
وسهم المساكين: ذوي الحاجة من المسلمين.
وابن السّبيل: المنقطع في سفره من المسلمين، وليس معه مال يرده إلى بلده.
{كَىْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ}: دُولة: بضم الدّال وليس دَولة، دَولة: هي الحكومة أو الوطن، أما دُولة فلكيلا يتداولها الأغنياء بينهم، أي: تقع في أيديهم.
{كَىْ}: للتعليل الحقيقي.
{لَا}: النّافية.
كي لا يكون: الفيء أو الغنيمة، غنيمة للأغنياء منكم وهم ليسوا بحاجة إليه.
{مِنكُمْ}: خاصة.
{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ}: من مال أو غنيمة أو فيء، وما أمركم به الرسول فافعلوه.
{وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}: وما أمركم بتركه والابتعاد عنه فاجتنبوه؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْىٌ يُوحَى} النجم: ٣-٤.
وطاعته -صلى الله عليه وسلم- هي طاعة لله تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} النساء: ٨٠.
يتبيَّن أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أُعطي حق التّشريع.
{وَاتَّقُوا اللَّهَ}: امتثلوا أوامر الله وتجنبوا نواهيه، فبذلك تتقوا سخطه وغضبه وناره.
{إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}: إن للتوكيد، شديد العقاب: لمن عصاه وتعدَّى حدوده.