سورة الحشر ٥٩: ٨
{لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}:
{لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ}: اللام لام الاستحقاق والملكية، للفقراء المهاجرين: الأربعة أخماس الباقية من الغنائم.
وتبدو هذه الآية إجابة على سؤال حين سُئل بما أنّ الخُمس (١/ ٥) يصرف لله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السّبيل، فلمن تصرف الأربعة أخماس الباقية من الغنائم، فجاء الرّد الإلهي للفقراء والمهاجرين.
{الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ}: أي: أخرجوهم كفار مكة وأخذوا أموالهم وتركوا ديارهم ومتاعهم حين خرجوا من مكة إلى المدينة مهاجرين.
{أُخْرِجُوا}: رغماً عن إرادتهم وقسراً وقهراً، ولم يقل: خرجوا: أي: بإرادتهم ورغبتهم.
{يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا}: يطلبون أو يلتمسون فضلاً من الله: الفضل هو الزيادة عما يستحق العبد من الأجر والثواب على ما يقدِّمه من أعمال صالحة، والفضل ليس بواجب لأحد، ولكن الله يتفضل على من يشاء من دون سبب وأعظم الفضل التوفيق ورؤية وجهه الكريم في الجنة.
{وَرِضْوَانًا}: رضوان الله هو أكبر من الجنة والمساكن الطيبة والنعيم كما قال تعالى في سورة التوبة آية (٧٢): {فِى جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ}. والرضا هو اطمئنان القلب إلى أمر فيه نفع. ارجع إلى سورة آل عمران آية (١٥) لمزيد من البيان في الرضوان.
{وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}: من النصرة، وهي تقديم المعونة الخاصة للأنبياء والرسل للنصرة على أعدائهم ولنصرة هذا الدِّين وإعلاء كلمة الله تعالى.
أما الفرق بين المعونة والنصرة، فالمعونة عامة والنصرة خاصة تكون بالجهاد والمال، وغيرها من الوسائل.
{أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}: أولئك اسم إشارة واللام للبعد تفيد المدح. هم: ضمير فصل يفيد التوكيد.
الصادقون: في أقوالهم وأفعالهم وإيمانهم ونصرتهم لله ورسوله قرنوا الإيمان بالعمل الصالح، والصّادقون صفة ثابتة لا تتغيَّر فيهم.
وإذا قارنا هذه الآية (٨) من سورة الحشر {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ}: والآية (٢٧٣) من سورة البقرة {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِى الْأَرْضِ}.
نجد أن آية الحشر جاءت في سياق الفيء وتقسيم الغنيمة، وأما آية البقرة فجاءت في سياق الصدقة.