سورة الطلاق ٦٥: ٣
{وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَىْءٍ قَدْرًا}:
هذه الآية تتمة للآية السابقة، أيْ: ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب، فالتقوى والصبر: أيْ: إطاعة أوامر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وتطبيق أحكامه وعدم مخالفة شرعه في الطلاق والعدة والرجعة وغيرها، والصبر يهدي إلى الفرج والخروج من الضيق، ويؤدِّي إلى الرزق، أي: يهيئ إلى أسباب الرزق.
{مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}: لا يحتسب من الحساب، أيْ: لا يدخل ذلك في تقديره وحسابه ذلك المصدر للرزق أو يهيئ له من أسباب الرزق؛ مما لا يخطر على باله، وهناك رزق منظور ورزق خفي كأن يدفع عنه ضراً كان سيقع، ويؤدي إلى خسارة المال الكثير.
أيْ: من يطع الله ويؤدِّي ما عليه من حقوق الطلاق أو المهر أو العقد الجديد، ويدفع المهر المتأخر ويؤدِّي الحقوق والنفعات، فالله سبحانه سيرزقه ويعوض كل ما خسره.
{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ}: ومن: شرطية، يتوكل على الله: أيْ: يقدِّم الأسباب المطلوبة منه، ثم يفوِّض أمره إلى الله ويطلب منه العون فهو سبحانه كافيه؛ ارجع إلى سورة الأعراف آية (٨٩) لمزيد من البيان في معنى التوكل.
{فَهُوَ حَسْبُهُ}: الفاء رابطة لجواب الشرط، هو للتوكيد، حسبه: كافية ولا يحتاج إلى أحد غير الله تعالى.
{إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ}: إن للتوكيد، بالغ أمره: لا يعجزه ولا يفوته أيُّ شيء أو أمر، وإنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له: كن، فيكون.
{قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَىْءٍ قَدْرًا}: قد للتحقيق، قدراً: زمناً أو توقيتاً أو ميقاتاً وحجماً ووزناً، جعل لكل شيء قدراً: أجلاً ومنتهى بما فيها الشدة والكرب والرخاء والشقاء والمرض والألم والحزن والفقر والغنى والصحة، وتقديم الجار والمجرور (لكل) يفيد الاختصاص، أيْ: لكل شيء، سواء أكان حسياً أم معنوياً.