سورة النساء ٤: ٣٧
{الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا}:
بعد أن ذكر الإحسان إلى الأقارب، واليتامى، والمساكين، وابن السبيل، والتصدق عليهم؛ يذم الله سبحانه في هذه الآية الذين يبخلون، أو يأمرون الناس بالبخل، فالبخيل: هو الذي يضيق صدراً بالإعطاء، ويجد فيه مشقة، وهو يبخل على نفسه أولاً قبل أن يبخل على الناس، والشح هو البخل مع الحرص.
وجاء بالفعل المضارع؛ ليدل على استمرار البخل فيهم، ولم يقل: الذين بخلوا.
{وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ}: كأن يقولوا للآخرين: لا تنفقوا، نخشى عليكم الفقر، أو الدوائر، أو لا تنفقوا على من عند رسول الله؛ حتى ينفضوا عنه، أو يصدون الناس عن التبرعات بالصدقات بإثارة الشبهات والتحذير وغيرها من وسائل تثبيط عزائم الناس عن الإنفاق في سبيل الله وطرق الخير.
{وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ}: الكتمان: هو ستر النعمة، وجحود النعمة، فلا يتصدق، ولا تظهر عليه آثار نعم الله عليه في المأكل، والملبس، أو العطاء.
ما هو الفرق بين البخل، والشح؟
الشح: البخل مع الحرص، وهو أسوأ من البخل.
والبخل منع الحق: أيْ: لا يؤدِّي حقوق الله الواجبة.
{وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا}:
بما أن البخل هو ستر النعمة، أو الجحود بها، فالبخل قد يجعل صاحبه كافراً؛ أيْ: ساتراً لنعم الله عليه، وبدل من أن يقول: وأعتدنا للذين يبخلون عذاباً مهيناً، قال: {وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ}: أي: الذين يسترون نعم الله، أو يجحدونها هم من الكافرين.
{وَأَعْتَدْنَا}: أيْ: هيأنا، وأعددنا. وأعتدنا: حالة خاصة من أعددنا؛ أي: أعددنا عامة تشمل الكثير من طرق وسائل الإعداد، وأعتدنا تعني: طريقة أو وسيلة واحدة هي العذاب المهين.
{لِلْكَافِرِينَ}: اللام: لام الاختصاص، والاستحقاق.
{عَذَابًا مُّهِينًا}: العذاب المخزي الذي يتم بمرأى من الناس، ويحمل في طياته الذل والإهانة، بالإضافة إلى الألم، والديمومة، والخلد.