سورة النساء ٤: ٦٥
{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِى أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}:
سبب النزول: قيل: نزلت هذه الآية في خصومة الزبير مع رجل من الأنصار في قضية السقي (سقي أرضهما)، فحين اختلفا أتيا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لِلزُّبَيْرِ: «اسْقِ يا زُبَيْرُ، ثُمَّ أَرْسِلِ المَاءَ إلى جَارِكَ»، فَغَضِبَ الأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ: أَرَاكَ تُحابِي ابْنَ عَمَّتِكَ، فَتَلَوَّنَ وَجْهُ نَبِيِّ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، ثُمَّ قَالَ: «يا زُبَيْرُ اسْقِ، ثُمَّ احْبِسِ المَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الجَدْرِ» الحديث في صحيح البخاري ومسلم.
{فَلَا}: الفاء: استئنافية. لا:
١ - نافية لكلام سبق تقديره، ليس الأمر كما يزعمون من أنهم آمنوا بما أنزل إليك، وأنزل من قبلك.
٢ - للتوكيد (تقديره: وربك لا يؤمنون).
٣ - تقدم لا على القسم. ارجع إلى الآية (١) من سورة القيامة.
{وَرَبِّكَ}: الواو: واو القسم، يقسم الحق سبحانه برب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ أيْ: يقسم بربوبيته لرسوله، وهذا من أعظم أنواع القسم.
{لَا}: نافية: مطلقة تشمل كل الأزمنة.
{يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}: لا يؤمنون إيماناً كاملاً حقاً، حتى: تعني انتهاء الغاية؛ أيْ: حتى يحققوا ثلاثة أمور، (أو ثلاث صفات) هي:
١ - {يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} (من نزاع، أو خلاف، أو التباس)، وشجر مأخوذة من التداخل، والاختلاط، كما يحدث للشجر من اختلاط، وتداخل.
٢ - {ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِى أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ}: أيْ: لا يشعرون بأي ضيق، أو شكوى لقضائك؛ أيْ: حكمك؛ أيْ: يرضون الرضا التام، والقبول المطلق من دون إضمار في أنفسهم خلاف ذلك.
{حَرَجًا}: ضيقاً، والحرج: قد يعني الشك والريبة.
{وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}: ويسلموا: من التسليم: وهو الانقياد، والإذعان، والرضا بحكم الله، ورد الأمر إلى الله؛ أي: من دون معارضة، أو لا مخالفة في باطنهم، وظاهرهم.
{تَسْلِيمًا}: توكيد للتسليم.
وهذا الحكم ليس مخصوصاً بخصوص السبب، فالحكم باق إلى يوم القيامة.