سورة النساء ٤: ٦٦
{وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِّنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا}:
{وَلَوْ}: الواو: عاطفة. لو: حرف امتناع لامتناع؛ إذ امتنع القتل لامتناع الكتب.
{كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ}: فرضنا عليهم؛ أيْ: على قريش.
{أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ}: كما كتبنا على بني إسرائيل.
أن اقتلوا أنفسكم، كما حدث حين قال موسى لقومه: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} البقرة: ٥٤.
أن: تفيد التوكيد.
{أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ}: كما فعلنا بقوم موسى يوم أخرجوا، وذهبوا إلى التيه؛ فكانت محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض.
كان هذان الحكمان قد سبقا في قوم موسى، فجاء الحق سبحانه بهما هنا؛ ليُذَكِّر قريش أنه سبحانه لو فرض عليهم كما فرض على بني إسرائيل القتل، أو الإخراج من الديار، (وهما من أصعب، أو أشق التكاليف الربانية، والتي تسمى إصراً).
{مَا فَعَلُوهُ}: ما: نافية للاستقبال (في المستقبل).
{إِلَّا قَلِيلٌ مِّنْهُمْ}: إلا: أداة استثناء وحصر، لو كتبنا عليهم ذلك لم يفعله إلا قلة منهم، وهذا من لطف الله بهم، لم نكلفهم بذلك.
فالإسلام لم يأتِ بمثل هذه الشرائع الثقيلة التي حدثت زمن موسى، كما تبيِّن هذه الآية: {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} البقرة: ٢٨٦.
{وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا}:
{وَلَوْ}: الواو: عاطفة. لو: شرطية.
{وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ}: من الأوامر، والنواهي، أو اتباع الرسول -صلى الله عليه وسلم-، والانقياد إلى حكمه؛ لأنه لا ينطق عن الهوى، وهي تكاليف لا تضاهي تكاليف بني إسرائيل.
{لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ}: في دنياهم وآخرتهم.
{وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا}: أشد تثبيتاً للإنسان في قلوبهم وتصديقاً.