سورة البقرة ٢: ٤٧
{يَابَنِى إِسْرَاءِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِىَ الَّتِى أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّى فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ}:
{يَابَنِى إِسْرَاءِيلَ}: نداء جديد آخر إلى بني إسرائيل. ارجع إلى الآية (٤٠).
{اذْكُرُوا نِعْمَتِىَ الَّتِى أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ}: لم يبين في هذه الآية النعمة، الّتي أنعمها عليهم، والنعمة الواحدة تمثل النعم التي لا تعد ولا تحصى، ولكن سبحانه بينها في آيات أخر، فقال: {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ} البقرة: ٤٩.
{وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى} البقرة: ٥٧.
وإنزال التّوراة، وجعل فيكم أنبياء، وجعلكم ملوكاً، وأتاكم ما لم يؤت أحداً من العالمين، وغيرها من النعم الكثيرة.
{نِعْمَتِىَ}: أضاف الله سبحانه النعمة إليه، فقال: {نِعْمَتِىَ}؛ للتشريف، وبيان عظمها، وكما قال: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}، وشكر النعمة يكون بذكر النعمة، يكون بذكر المنعم، وطاعته، والحديث عنها، وشكره عليها.
{الَّتِى أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ}: خاصة بكم، لم أنعمها، على غيركم.
{وَأَنِّى فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ}: عالمي زمانهم ذاك، ولا يعني تفضيلاً إلى الأبد، والدليل على ذلك؛ قوله تعالى: {وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ}.
فضلهم على عالمين، ذلك الزمان، فكلمة عالمين كلمة لا تشمل كل العالمين في كل زمان، وإنما الموجودون فقط، في زمن واحد معين، ففي لحظة اختيارهم في ذلك الزمن، كانوا هم أفضل النّاس، على غيرهم، مقارنة بغيرهم، وليس الآن، وهذا ما يظنه خطأ بعض اليهود أنفسهم أنهم شعب الله المختار، أنهم أفضل النّاس.