سورة النساء ٤: ٩٥
{لَا يَسْتَوِى الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِى الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا}:
{لَا}: النافية المطلقة تنفي كل الأزمنة، وأوسع في النفي من (لن).
{يَسْتَوِى}: في المنزلة، والأجر عند الله في الدنيا والآخرة.
{الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِى الضَّرَرِ}: القاعدون: جمع قاعد؛ أي: لم يخرج للجهاد، والقاعد: قد تجمع على قعود، فالقعود: تدل على الاسم، أو المعنى، والقاعدون: تدل على الحدث، والضرر: يعني: فيهم علة مزمنة؛ أي: مرض مزمن كالسكر، أو أمراض الكلاوي والكبد… وغيرها؛ أي: غير الأصحاء عن الجهاد مع المؤمنين، وهم قسمان:
القسم الأول: غير أولي الضرر، وهم الأصحاء غير المصابين بأي مرض، وليس لهم عذر، أو عجز للخروج للجهاد بأموالهم وبأنفسهم.
والقسم الثاني: أولو الضرر: وهم المرضى والمصابون بعلل مثل: العمى، والعرج، والأمراض المزمنة، مثل: السكري، وبعض الأمراض الدموية، وغيرها.
{فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى}:
هنا أضاف الله سبحانه القسم الثالث من المؤمنين: وهم المجاهدون بأموالهم، وأنفسهم، فأصبحت ثلاثة أقسام:
القسم الأول: المؤمنون القاعدون عن الجهاد من دون عذر، أو عجز.
القسم الثاني: المؤمنون القاعدون عن الجهاد بعذر، أو عجز؛ مثل: العمى، والعرج، أو مرض مزمن، هؤلاء هم أولو الضرر، هؤلاء أجرهم قد يكون كأجر المجاهدين.
القسم الثالث: المؤمنون المجاهدون بأموالهم وأنفسهم.
إذن فضَّل الله القسم الثالث، وهم المجاهدون (بأموالهم وأنفسهم) على القاعدين من المؤمنين غير أولي الضرر؛ أيْ: القسم الأول درجة في الفضل، والفضل: يعني الزيادة في الخير والأجر، وفضل: تعني رفع، وقدم الأعلى الأكثر درجة على الأدنى الأقل درجة.
{وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى}: وكلاً: تعني: المجاهدين بأموالهم وأنفسهم (القسم الثالث)، والقاعدين عن الجهاد بعذر، أو عجز (أولي الضرر)، والقسم الثاني، وقد تعني: المؤمنين بشكل عام (الأصناف الثلاثة)، ولكن درجاتهم في الجنة مختلفة، والحسنى: الجنة، والحسنى: اسم مشتق، مؤنث الأحسن.
{وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا}:
{وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ}: بأموالهم وأنفسهم (القسم الثالث) على القاعدين من دون عذر، أو عجز (القسم الأول) أجراً عظيماً.
وما هو الأجر العظيم؟
فسرته الآية (٩٦): {دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}. الأجر العظيم: هو الدرجات العالية، والمنازل الرفيعة في الجنان العالية؛ كالفردوس الأعلى، والأجر يتضمن مغفرة الذنوب والسيئات، ورحمة، وتعريفها: هي جلب كل ما يسر، ودفع ما يضر، وتعني: الإنعام على المؤمن بشتى أنواع النِّعم.