سورة النساء ٤: ١٠٧
{وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا}:
{وَلَا تُجَادِلْ}: الواو: عاطفة.
{وَلَا}: الناهية.
{تُجَادِلْ}: من الجدل، وأصله الفتل، والجدال: هو الحوار الذي يقع بين طرفين، أو أطراف؛ لإثبات حق، أو إظهار حجة، أو دفع شبهة، والجدال أشد من الحوار.
{وَلَا تُجَادِلْ}: تعني هنا: لا تدافع، أو تجادل عن طعمة بن أبيرق وقومه.
{يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ}: كيف يختان الإنسان نفسه، ولم يقل: يخونون أنفسهم؟ عادة يخون الإنسان غيره: بعدم إتمام العهد، أو إرجاع الأمانة، أو السرقة، ويخون غيره من أجل مصلحة، أو ارتكاب معصية، أو سيئة، ثم يرمي بها بريئاً، وعندما يخون الإنسان نفسه؛ فهذا أمر غريب، ويحتاج إلى جهد أكبر من خيانة الغير.
ولذلك جاء بفعل يختان، وجاء بفعل يختانون (بصيغة المضارع)؛ للدلالة على بشاعة الفعل، وفيها معنى: التجدد، والاستمرار، فمن خان مرة قد يعود ويخون مرات كثيرة.
فهم حين يرتكبون المعصية؛ فهم يختانون أنفسهم؛ أي: المعصية خيانة منهم لأنفسهم.
والذي يخون غيره كأنه يخون نفسه؛ لأن إثم الخيانة الحاصل من جراء ذلك يعود على الخائن.
{إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا}:
{إِنَّ اللَّهَ}: إن: للتوكيد. لا يحب: النافية تشمل كل الأزمنة.
{خَوَّانًا}: كثير الخيانة؛ أيْ: تصدر منه الخيانة مراراً أمثال طعمة بن أبيرق.
{أَثِيمًا}: كثير الإثم، والإثم يشمل الصغائر والكبائر.
والفرق بين الخائن، والخوّان؛ الخائن: قد تصدر منه الخيانة مرة، أو خيانة في أمر صغير. والخوّان: تصدر منه الخيانة مراراً، أو في أمر كبير.