سورة النساء ٤: ١٧٢
{لَنْ يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا}:
{لَنْ}: لنفي المستقبل القريب والبعيد.
{يَسْتَنكِفَ}: الاستنكاف: هو التكبر والامتناع؛ فهو أشد من الاستكبار من يأنف، وأصله في اللغة: النكف، ونكف الدمع، النكف: عملية حسية، تتمثل في مسح الدمع بأصبعه من خدِّه مخافة أن يراه الناس باكياً؛ لأن البكاء من الرجل يُعدُّ ضعفاً، أو عيباً، فيحاول عدم إظهار دمعه للناس، وقيل: الاستنكاف: عدم الإقرار بالعبودية، والاستكبار؛ أيْ: عدم القيام بالطاعة تكبراً.
فالمسيح -عليه السلام- لا يرى في نفسه عيباً أن يكون عبداً لله، أو يأنف، أو يترفَّع عن عبوديته، وطاعته لله تعالى. وعبداً لله: من جملة العبيد، أو العباد، ولم يقل: عبد الله؛ لدل ذلك على التشريف والتخصيص، كما قال تعالى في سورة الجن آية (١٩): {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ}؛ أي: رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم-.
{وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ}: لا يستنكفون، ولا يستكبرون أن يكونوا عباداً لله.
وهم: حملة العرش، أو الحافُّون حول العرش، ويطلق عليهم العالون، أو الكربيون.
وتكرار (لا) النافية: تفيد التوكيد في عدم الاستنكاف، والتكبر.
{وَمَنْ}: من: شرطية تشمل الواحد، أو الجمع، وللعاقل.
{يَسْتَنكِفْ}: أيْ: يظن أنه من العيب أن يعبد الله، أو لا يقر بعبودية الله في قلبه.
{وَيَسْتَكْبِرْ}: يطلب الكبر، ولا يملك مؤهلاته، مثل كونه غنياً، أو ذا جاه، أو من عائلة كبيرة، ولا يجب عليه أن يعبد الله، أو يطيعه.
{فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا}: الفاء: للترتيب، والمباشرة، والتوكيد، والسين في سيحشرهم: للاستقبال القريب؛ أيْ: سيحشرهم قريباً.
{فَسَيَحْشُرُهُمْ}: الحشر: هو السوق والجمع، والضمير يعود على الكل الذين لم يستنكفوا ويستكبروا، والذين استنكفوا واستكبروا.
{إِلَيْهِ}: تقديم الجار والمجرور، يفيد الحصر، سيحشرهم إليه وحده، حصراً لا إلى غيره.
{جَمِيعًا}: تفيد التوكيد.