سورة النساء ٤: ١٧٣
{فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا}:
{فَأَمَّا}: الفاء: للتعقيب والمباشرة. أما: حرف شرط وتفصيل.
انتبه! إلى ما طرأ هنا: هو أن الله سبحانه لم يواصل الحديث عن الذين استنكفوا، واستكبروا، وما هو مصيرهم، بل قدَّم الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وذكر ثوابهم، وهذا يُعد تقديم تفضيل لهؤلاء المؤمنين على غيرهم من المستنكفين، والمستكبرين؛ فيوفيهم أجورهم، ويعطيهم ثواب أعمالهم الصالحة كاملة غير منقوصة، ولا يقف عند ذلك، بل يزيدهم على أجورهم من فضله وإحسانه.
{وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا}:
{وَأَمَّا}: الواو: عاطفة. أما: حرف شرط، وتفصيل، وتوكيد.
{الَّذِينَ اسْتَنكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا}: سبق توضيح المعنى في الآية السابقة؛ أيْ: لم يُقرُّوا بعبادة الله، وامتنعوا عن طاعة الله وعبادته؛ بسبب استنكافهم، وتكبرهم. ارجع إلى سورة البقرة آية (٨٧) لبيان معنى الاستكبار.
{فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}: في الآخرة؛ أيْ: عذاباً شديد الإيلام والدوام.
{وَلَا يَجِدُونَ}: لا: النافية. يجدون: لهم من دون الله من سواه؛ أيْ: من غيره.
{وَلِيًّا}: الولي القريب، الذي يليك، المعين، ويحفظك، ويتولى أمرك حين تكون عاجزاً، أو الحليف القائم بأمرك الذي يتوكل أمرك، وتحمل معنى المودة والشفاعة.
وتكرار حرف لا: يفيد التوكيد، وفصل الولاء عن النصر؛ فقد يكون هناك ولي، ولا يستطيع تقديم المساعدة والنصرة لك، ولياً في الدنيا.
{نَصِيرًا}: في الدنيا، أو الآخرة ينصرك حتى لا تدخل النار، أو يدافع عنك، أو يخفف عنك العذاب، أو يشفع لك، أو ينصرك في الدنيا. ارجع إلى سورة العنكبوت، آية (٢٢)؛ لمعرفة الفرق بين قوله تعالى: {وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِىٍّ وَلَا نَصِيرٍ}، {وَمَا لَكُمْ مِنْ وَلِىٍّ وَلَا نَصِيرٍ}.