سورة المائدة ٥: ٤٦
{وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ}:
{وَقَفَّيْنَا}: ارجع إلى الآية (٨٧) من سورة البقرة.
{عَلَى آثَارِهِمْ}: أي: اتبعنا بعيسى (بعثنا عيسى -عليه السلام- ) مباشرة، من دون فاصل زمني خلف النبيين؛ الذين أرسلوا إلى بني إسرائيل، وقد أرسل عيسى -عليه السلام- على آثار زكريا -عليه السلام- .
{عَلَى آثَارِهِمْ}: أيْ: كأن آثار أقدامهم لا تزال على الأرض، لم تُمحَ بعد؛ (دلالة على قصر الزمن) بين الرسل وعيسى عليهم السلام.
{مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ}: مقراً ومطبقاً شريعة التوراة، وما جاء به موسى -عليه السلام- قولاً، وعملاً.
{وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ}: أيْ: أنزلنا على عيسى -عليه السلام- الإنجيل، جملة واحدة (دفعة واحدة)؛ للهدى، والموعظة.
{فِيهِ هُدًى وَنُورٌ}: في الإنجيل هدى من الضلال؛ أيْ: مصدر هداية، أو هادياً، ونور يُبيِّن الحق من الباطل، والحلال من الحرام.
{وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ}: أي: الإنجيل، مصدقاً للتوراة لا يخالف التوراة.
{وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ}: الإنجيل؛ هدى من الظلمات إلى النور، وموعظة؛ أيْ: نصح، وتذكير، وترغيب، وترهيب، وتخدير.
أيْ: هادياً وواعظاً {لِّلْمُتَّقِينَ}: اللام: لام الاختصاص، ونلاحظ تكرار {وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ}: مرتين؛ المرة الأولى: تتعلق بعيسى -عليه السلام- ، والثانية بالإنجيل.
فليس هناك تكرار؛ فمنهج عيسى -عليه السلام- ، ومنهج الإنجيل، كلاهما مطابقٌ لمنهج التوراة.
وفي الآية (٤٤) قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ}.
وفي الآية (٤٦) قال تعالى: {الْإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ}.
فكلاهما هدى ونور، ولكن الإنجيل فيه زيادة هدى، وموعظة للمتقين، فهو يدل على كونه يتضمن شحنة روحية جديدة، وفيه مواعظ أكثر من التوراة.