سورة المائدة ٥: ٦٠
{قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ}:
أسباب النزول: حينما ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لليهود: أنه يؤمن بعيسى، وهم لا يؤمنون بعيسى؛ جحدوا بنبوَّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ونبوَّة عيسى -عليه السلام- .
وقالوا: لا نعلم دِيناً شراً من دِينكم، ولا أهل دِين أقل حظاً منكم، في الدنيا والآخرة، فرد الله عليهم بهذه الآية.
{قُلْ}: لهم يا محمد -صلى الله عليه وسلم-: {هَلْ}: للاستفهام، والتعليم، وهل: أداة للاستفهام أقوى من الهمزة؛ كقوله أأنبئكم.
{هَلْ أُنَبِّئُكُمْ}: الهمزة: للاستفهام والتبكيت.
{بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ}: وأصلها: هل أخبركم بشرٍّ من ذلك، ذلك: اسم إشارة يشير إلى الذي تنقمون به منا، هو من لعنة الله.
{مِنْ ذَلِكَ}: للتفضيل، ولا يعني ذلك: أن المؤمنين في شرٍّ، ولكنها مجاراة لما قاله اليهود, ولمقارنة هذه الآية {مِنْ ذَلِكَ} مع الآية (٧٢) في سورة الحج, وهي قوله تعالى: {بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ}؛ ارجع إلى سورة الحج الآية (٧٢).
{مَثُوبَةً}: جزاءً من ثاب يثوب، وتطلق على الجزاء، والثواب، واستعمال كلمة ثواب في سياق الشر؛ فيها معنى التهكم، والتوبيخ. ارجع إلى سورة البقرة آية (١٠٣) لمزيد من البيان. والثواب الذي وعدهم الله تعالى لعنته والغضب عليهم والمسخ.
{عِنْدَ اللَّهِ}: عند: ظرفية زمانية (يوم القيامة)، ومكانية.
{مَنْ}: ابتدائية.
{لَعَنَهُ اللَّهُ}: أيْ: طرده وأبعده عن رحمته.
{وَغَضِبَ عَلَيْهِ}: والغضب: هو عدم الرضا، والقبول منه، ويقضي العقاب والانتقام.
{وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ}: الجعل: يكون بعد الخلق؛ أي: الخلق يتم أولاً ثم يجعل من الخلق ما يشاء؛ أي: هو مرحلة تالية للخلق فهو سبحانه خلقهم كبشر، ثم جعل منهم القردة والخنازير؛ ارجع إلى سورة البقرة الآية (٦٥), وسورة الأعراف الآيات (١٦٣-١٦٦) للبيان؛ أيْ: مسخهم قردة، وهو الحيوان، المعروف لدى الناس.
{وَالْخَنَازِيرَ}: جمع خنزير؛ الذي حرمه الله ووصفه بأنه رجس.
{وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ}: وفيها قراءتان: عبُد بضم الباء (جمع عبد)، والثانية: بفتح الباء عبَد، ولمعرفة معنى الطاغوت، والشيطان، والكهنة، ورؤسائهم الضالين: ارجع إلى سورة البقرة، آية (٢٥٦)؛ للبيان.
{أُولَئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ}:
{أُولَئِكَ}: اسم إشارة، وتشير إلى اليهود.
{شَرٌّ مَّكَانًا}: أسوأ مكاناً، ومنزلة يوم القيامة، من غيرهم.
{وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ}: وأكثر ضلالاً من غيرهم عن سواء السبيل، طريق الحق، أو الصراط المستقيم الموصل إلى الغاية، والسواء: هو الوسط.