سورة المائدة ٥: ٧١
{وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِّنْهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ}:
{وَحَسِبُوا}: اعتقدوا وظنوا: ظنوا ظناً راجحاً من الحساب القلبي، والحسي؛ القائم على النظر والتجربة.
{أَلَّا}: أن لا، أن: للتوكيد، لا: النافية.
{تَكُونَ فِتْنَةٌ}: أيْ: لا يعذبون بذنوبهم، وأنهم لا يفتنون، ولا يُبتلون بالشدائد، والمحن في الدنيا.
{فَعَمُوا وَصَمُّوا}: الفاء: للترتيب والمباشرة.
عطلوا أدوات الإدراك عندهم: الأعين، والأذان، فلم يبصروا الحق، ورفضوا الاستماع إلى أي آية أو موعظة، فلم يتدبروا آيات الله؛ حتى إنهم ظنوا أنهم أبناء الله وأحباؤه، فكذبوا الرسل، وقتلوا أنبياءهم، وعصوا ما في التوراة، وعبدوا العجل، وطلبوا رؤية الله.
{ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ}: بعد عبادتهم العجل، وطلبهم رؤية الله، وبعد قتل الذين عبدوا العجل.
{ثُمَّ}: لبيان البعد بين التوبة، والعمى، والصم.
{ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا}: ثم: هنا للحال، وللتوكيد.
{عَمُوا وَصَمُّوا}: مرة ثانية بنقضهم ميثاقهم، وكفرهم بآيات الله قولهم {قُلُوبُنَا غُلْفٌ}، وقيل: {عَمُوا وَصَمُّوا}: بعد بيان الحق، ومجيء محمد -صلى الله عليه وسلم- برسالته.
{كَثِيرٌ مِّنْهُمْ}: أيْ: حضَّ بعضهم بعضاً على المعصية، وعدم الاستجابة؛ لما أمر به الله تعالى، وقيل: {عَمُوا وَصَمُّوا}: الأولى: بعد رفع الجبل فوقهم، وظنوا أنه واقع بهم، و {عَمُوا وَصَمُّوا}: الثانية بعد إرسال محمد -صلى الله عليه وسلم-.
{وَاللَّهُ بَصِيرٌ}: الله مطلع، ورقيب، وشاهد.
{بِمَا يَعْمَلُونَ}: يعملون: تعني: الأقوال، والأفعال، وقدَّم {بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ}: لأنَّ العمى، والصم أعمال قلبية، لا يعلمها إلَّا الله -جل وعلا- ، ولم يقل: والله بما يعملون بصير.