سورة المائدة ٥: ١١٧
{مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِى بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّى وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِى كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ شَهِيدٌ}:
{مَا}: النافية.
{مَا قُلْتُ لَهُمْ}: إلا حصراً {مَا}: الذي أمرتني به.
{أَنِ}: للتوكيد.
{اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّى}: وربكم؛ أيْ: وحدوا ربي وربكم، وأخلصوا له العبادة.
{وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ}:
{شَهِيدًا}: من شهد، أو شاهد، أو علم، أو عاين، الشهيد: من شاهد وعاين؛ لفترة معينة ومحدودة، والشهيد: لا يمتد علمه وشهادته إلى الذات الداخلية والنية، كما هي شهادة الله سبحانه؛ الذي يعلم خائنة الأعين، وما تخفي الصدور.
أما البشر، أو عيسى -عليه السلام- حين يكون شهيداً عليهم؛ فشهادته محدودة مدَّة بقائه بينهم، والإنسان يكون شهيداً لحادثة معينة، أو فترة ما، بينما الله سبحانه شهادته ليلاً ونهاراً في كل ثانية، ورقابته مطلقة غير محدودة بفترة معينة؛ من خلق آدم إلى آخر فرد يُخلق، وتمتد شهادته إلى يوم القيامة.
{فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِى كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ شَهِيدٌ}:
{فَلَمَّا}: الفاء: عاطفة. لما: ظرفية زمانية؛ أيْ: حين.
{تَوَفَّيْتَنِى}: رفعتني إلى السماء، والتوفِّي: هو أخذ الشيء وافياً كاملاً: بالجسد، والروح، والنفس.
وجاء ذلك في قوله: {يَاعِيسَى إِنِّى مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَىَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} آل عمران: ٥٥.
{كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ}: المراقب لأعمالهم، الشاهد عليهم، والحفيظ، والرقابة مطلقة، وأقوى من الشهادة.
الرقيب: من رقب، والمراقب الحارس، والناظر عن قصد، ولا تفوته حركة من الحركات.
و {أَنْتَ}: تفيد توكيد القصر الحقيقي، على أن الله سبحانه هو الرقيب الحقيقي، وليس غيره.
{وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ شَهِيدٌ}: تكرار {وَأَنْتَ}: للتوكيد، والقصر الحقيقي، أن الشهيد الحقيقي هو الله، وليس غيره؛ لأن شهادته لا تنتهي على مر العصور، ومطلقة، وسواء أكان الله سبحانه رقيباً، أو شهيداً، فشهادته ورقابته مطلقة، وتمتد إلى كل ذات، وكل نفس. ارجع إلى سورة البقرة الآية (١٣٣) لمزيد من البيان في معنى الشهيد والشاهد.