سورة الأنعام ٦: ٦٨
{وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِى آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}:
سبب النزول: كما قال ابن عباس -رضي الله عنهما- : نزلت في أهل الأهواء، والبدع من المسلمين الذين يُؤَوِّلون الآيات بالباطل.
{وَإِذَا}: ظرفية متضمنة معنى الشرط، وتدل على حتمية الحدوث.
{رَأَيْتَ}: رؤية بصرية، أو فكرية، قلبية.
{يَخُوضُونَ}: الخوض: أصله الدخول في الماء الكثير الذي يستر القدمين، وعندها لا يدري إلى أيِّ موقع تقع أو تزل قدميه في هوة، أو حفرة، والخوض يكون من دون اهتداء.
{يَخُوضُونَ فِى آيَاتِنَا}: ومعنى الخوض في آياتنا: لم تبيِّنه هذه الآية، وإنما بيَّنته آية أخرى، في سورة النساء، الآية (١٤٠)، فقال تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِى الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ}.
إذنْ الحوض؛ يعني: الكفر، أو الاستهزاء بآيات الله سبحانه.
وفي هذه الآية كذلك يبيِّن الحكم فيما إذا استمر الصحابة في الجلوس مع الذين يخوضون في الآيات، والحكم هو أنكم إذنْ مثلهم؛ أيْ: في الذنب، والإثم، وبدعهم، ومعتقداتهم الباطلة، {فَأَعْرِضْ}: الفاء: للتوكيد.
{فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ}: انصرف عنهم، ولا تجالسهم، ولا تستمع لهم، {حَتَّى}: حرف غاية، نهاية الغاية.
{حَتَّى يَخُوضُوا فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِ}: وعندها لا مانع من مجالستهم، والتحدث معهم، إذا غيروا الحديث، أو توقَّفوا عن الخوض.
{وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}: وإما: الواو: عاطفة، إما: أصلها (إن+ما)، إن: شرطية، ما: للتوكيد.
وإذا حدث أنك نسيت أمر النهي، والمنع، ووجدت نفسك تجلس معهم؛ فمجرد ما تتذكر المنع، وعدم مخالطتهم اترك، وانصرف عنهم، إذنْ يمكن أن تنسى، والنسيان من عمل الشيطان الذي يُزين ويشغل الإنسان فلا يتذكر، ولكن بعد الذكرى لا تجلس مع القوم الظالمين.
{الذِّكْرَى}: تذكر النهي.
{الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}: المشركين، أو الظالمين، والظالم: هو كلُّ مَنْ يخرج عن منهج الله تعالى يُعد ظالماً لنفسه. ارجع إلى سورة البقرة، آية (٥٤)؛ لمزيد من البيان.