سورة الأنعام ٦: ٩٤
{وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاؤُا لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ}:
{وَلَقَدْ}: الواو: استئنافية. لقد: اللام: لام التوكيد، قد: حرف تحقيق، وتوكيد.
{جِئْتُمُونَا فُرَادَى}: جئتمونا يوم القيامة يوم البعث أو يوم القيامة الصغرى (الموت)، أو عند سكرات الموت وهم ما زالوا على الأرض.
{فُرَادَى}: قيل: جمع واختلف في مفرده قيل: فرد أو فريد أو فرْدَان على وزن فعالي بضم الفاء مثل سُكارى مفردها: سكران فرداً فرداً، والواحد تلو الآخر، من دون أهل، ولا ولي، ولا نصير, وإذا قارنا هذه الآية مع الآية (٤٨) في سورة الكهف وهي قوله تعالى: {لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَّجْعَلَ لَكُمْ مَّوْعِدًا} هذه الآية جاءت في سياق يوم البعث أو عند الموت وتتحدث عن الكيفية: كيفية المجيء, وآية الأنعام تتحدث عن العدد, وآية الكهف أعم من آية الأنعام وآية الأنعام عن القيامة الصغرى.
وبيَّن ذلك في آية أخرى من سورة مريم، (٩٥): {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا}، بينما السوق إلى الجنة: زمراً وزمراً، أو إلى النار زمراً وزمراً؛ كقوله تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا} الزمر: ٧٣.
مع الأهل، وممن يماثلهم في الحسنات والسيئات.
{وَتَرَكْتُم مَا خَوَّلْنَاكُمْ}: من خوَّله الشيء؛ أيْ: ملكه الشيء؛ خوَّل يخوِّل؛ أي: صار ذا خول؛ أي: خدم؛ أيْ: تركتم ما أعطيناكم: تفضلاً من ملك، ومال، وأهل، والخول: ما أعطاه الله من النِّعم.
والخول: تضم الخدم, والاتباع؛ أيْ: تركتم أولادكم، وأموالكم، وخدمكم.
{وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاؤُا}:
الذين زعمتم أنهم شركاء لله في عبادتكم.
{وَمَا نَرَى}: وما: الواو: عاطفة، ما: نافية.
{مَعَكُمْ}: مع: ظرف مكان.
{شُفَعَاءَكُمُ}: الأصنام، والآلهة، والأولياء، والذين عبدتموهم؛ ليقربوكم إلى الله زلفى؛ الذين زعمتم أنهم سيشفعون لكم، أو يستحقون عبادتكم.
{الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاؤُا}: فيكم؛ أيْ: زعمتم أنهم لي شركاء في خلقي.
الزعم: هو القول غير المستند إلى دليل، أو ادّعاء العلم، وأكثر ما يقع في الباطل, ولمقارنة كيف كتبت {شُرَكَاؤُا} في هذه الآية مع كيف كتبت {شُرَكَاءُ} في الآية (١٢) في سورة النساء. ارجع إلى سورة النساء آية (١٢) للبيان.
{لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ}:
{لَقَدْ}: اللام: لام التوكيد، قد: حرف تحقيق، وتوكيد.
{تَقَطَّعَ}: وسائل الاتصال، والصلة، والروابط، والمودة بينكم، والقربى.
{بَيْنَكُمْ}: وبين الأصنام والأوثان، والآلهة والأولياء، وما عبدتم من دون الله.
والبين: هو ما يفصل، أو يصل بين شيئين، أو اثنين، فإذا كان واصلاً يمكن أن تقطعه، وإذا كان فاصلاً يمكن أن تصله.
{وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ}: وضل: تاه، وغاب اليوم عنكم، الشركاء، وما تبحثون عنهم؛ للشفاعة.
{مَا}: اسم موصول؛ أي: الذين (الأصنام، والآلهة، وما عبدتم).
{كُنتُمْ}: في الدنيا.
{تَزْعُمُونَ}: تقولون قولاً باطلاً، إنهم سيشفعون لكم، وينصروكم في الآخرة.