سورة الأنعام ٦: ١٠٢
{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَىْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ وَكِيلٌ}:
{ذَلِكُمُ}: اسم إشارة؛ يفيد الجمع؛ لأنه سبقها قوله خالق كل شيء, والتوكيد, والتعظيم مقارنة بقوله ذلك.
{اللَّهُ رَبُّكُمْ}: جمع للألوهية، وللربوبية معاً.
{لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}: لا: النافية؛ أيْ: لا إله إلا هو؛ حصراً، وقصراً، لا معبود إلّا إياه. ارجع إلى سورة البقرة، آية (٢٥٥)؛ للبيان.
{خَالِقُ كُلِّ شَىْءٍ فَاعْبُدُوهُ}: الفاء: للتوكيد.
{كُلِّ شَىْءٍ}: الشيء: كل ما يعلم ويخبر عنه سواء أكان حسياً أم معنوياً، ويعني أقل القليل، وشيء نكرة؛ تشمل كل شيء، مهما كان نوعه، وشكله، وحجمه. ارجع إلى الآية (١) من نفس السورة؛ لبيان معنى الخلق.
{وَهُوَ}: ضمير منفصل؛ يدل على التوكيد.
{وَكِيلٌ}: أيْ: هو الوكيل على كل شيء؛ أي: الكافي المتولي، والقائم، والمدبر لكل شيء، والمعين عليه، سواء اختار المخلوق، أم لم يختر.
الله {عَلَى كُلِّ شَىْءٍ وَكِيلٌ}: أي: الله وكيل عليك، وليس وكيلاً لك؛ لأن الوكيل لك: ينفذ أوامرك، وقيل: فلان وكيل لفلان.
أي: ينفذ ما يريده، أما الحق -جل جلاله- ؛ فإنه وكيل على كل شيء؛ أيْ: أعلم بما يناسب كل إنسان، فيستجيب له، أو لا يستجيب له حسب ما تقتضيه إرادته -جل وعلا- ، ومشيئته وحكمته تعالى.
وفي هذه الآية: نجده قدَّم {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} على {خَالِقُ كُلِّ شَىْءٍ}.
بينما في سورة غافر، آية (٦٢) قدَّم {خَالِقُ كُلِّ شَىْءٍ} على {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}، وذلك لأن آية الأنعام جاءت في سياق التوحيد، ونفي الشرك، والصاحبة، والولد، فقدَّم كلمة التوحيد لا إله إلا هو، بينما في آية سورة غافر؛ فقد جاءت في سياق الخلق، وتعداد النِّعم؛ كقوله -سبحانه وتعالى- : {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ} غافر: ٦٢، ولذلك قدَّم خالق على لا إله إلا هو.