سورة البقرة ٢: ٨٣
{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِى إِسْرَاءِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِى الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنكُمْ وَأَنْتُمْ مُّعْرِضُونَ}:
{وَإِذْ}: الواو.
أي: واذكروا {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِى إِسْرَاءِيلَ}: أو اذكروا حين أخذنا.
الميثاق: هو العهد الموثق، المؤكد بأدلة، أو شهود، أو بأيمان أو قسم مأخوذ عليهم في التّوراة.
{مِيثَاقَ بَنِى إِسْرَاءِيلَ}: بنو إسرائيل هم الأجداد والآباء، أخذنا الميثاق من الأجداد، والآباء الأولين؛ أي: السلف.
وهذا الميثاق الذي أخذه على بني إسرائيل، جاء على ألسنة أنبيائهم، ورسلهم، يتضمن ثمانية تكاليف.
١ - {لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ}: لا: الناهية.
{تَعْبُدُونَ}: من العبادة، وهي طاعة المعبود فيما أمر، ونهى عنه، ولا تكون إلَّا للخالق، ولها أجر. وله منهج.
{إِلَّا}: أداة حصر إلَّا الله وحده، وهذا قمة الإيمان؛ أي: لا تشركوا به شيئاً.
٢ - {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}: ارجع إلى سورة النّساء، آية (٣٦)، وسورة الإسراء آية (٢٣)، وسورة الأحقاف لمزيد من البيان، والباء: للإلصاق.
٣ - {وَذِى الْقُرْبَى}: والإحسان إلى ذي القربى؛ أي: أن تصلوا أرحامكم، وباقي القرابات، ولو قال: بذي القربى كما في سورة النساء آية (٣٦)، لكان ذلك؛ يعني: أولادكم، وأبناء أولادكم، وأبناء بناتكم؛ أي: أقرب الأقرباء، وتعني: التوكيد.
٤ - {وَالْيَتَامَى}: والإحسان إلى اليتامى، واليتيم هو الذي فقد والده وهو طفل قبل سن البلوغ.
٥ - {وَالْمَسَاكِينِ}: والإحسان إلى المساكين، وتعريف المسكين: الذي لا يملك ما يكفيه لحاجاته.
{وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنكُمْ وَأَنْتُمْ مُّعْرِضُونَ}:
{وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا}: {حُسْنًا}: من الحسن، و {حُسْنًا}: مصدر حسن، وهو ما حسنه الشرع؛ أي: كلاماً طيباً، ليناً. {لِلنَّاسِ}: اللام: لام الاختصاص، النّاس. ارجع إلى الآية (٢١) من نفس السورة لمزيد من البيان.
{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}: ارجع إلى الآية (٤٣) من سورة البقرة.
{ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ}: ثم: تشير إلى الترتيب، والتراخي في الزمن، حيث هناك زمن طويل، بين الآباء؛ الّذين أخذنا منهم الميثاق، وبين الأبناء.
{ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ}: أي: الكل تولى، أو توليتم، كما تولى آباؤكم، ولم يذكر الآباء؛ لأنّ ذكرهم متضمن في قوله: {تَوَلَّيْتُمْ}، والتولي يعني عن الوفاء بالميثاق، ولم تعملوا به، بقصد ونية.
{إِلَّا قَلِيلًا مِّنكُمْ}: إلّا أداة استثناء؛ أمثال: عبد الله بن سلام وأصحابه.
{وَأَنْتُمْ مُّعْرِضُونَ}: معرضون عن الوفاء بالميثاق، والالتزام بما وصَّاكم الله به، كما أعرض آباؤكم وأنتم معرضون، تدل على أنهم متعمِّدون الإعراض عن العمل بالميثاق، كما فعل آباؤهم.