سورة الأعراف ٧: ٣
{اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُم مِنْ رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ}:
في هذه الآية: انتقل الخطاب إلى أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-، وتشمل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وفي الآية السابقة كان الخطاب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأمته أيضاً؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام، وأمته شيء واحد.
{اتَّبِعُوا}: بامتثال أوامر ربكم، واجتناب ما نهى عنه.
واتباع الرسول -صلى الله عليه وسلم- داخل في اتبعوا؛ لقوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} الحشر: ٧.
وقوله تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} النحل: ٤٤.
{وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ} النساء: ٦٩.
{مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُم مِنْ رَّبِّكُمْ}: ما: اسم موصول بمعنى: الذي.
{مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُم مِنْ رَّبِّكُمْ}: أي: القرآن، الوحي وما أنزل إليكم من ربكم، لا يعني: القرآن فقط، بل كل ما آتاكم الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ونهاكم عنه؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم-: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْىٌ يُوحَى عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} النجم: ٣-٥.
{مِنْ رَّبِّكُمْ}: من: ابتدائية، ربكم: الخالق، والمربي.
{وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ}: من دون الله؛ أيْ: غيره، أو سواه.
{أَوْلِيَاءَ}: جمع ولي، والولي؛ سواء أكان من البشر، أم من الشياطين، أم الأصنام، أم الآلهة، والولي: هو القريب المعين الذي تلجأ إليه حين الضرورة.
{قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ}: ما: للتوكيد.
{قَلِيلًا}: قد تعني: العدد؛ أيْ: عدد الذين يتذكرون قلة، أو {قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ}: تعني: الكمية من الوصايا، والشرائع، وما أنزل إليكم من ربكم لا تتذكرون إلا القلة منها.
{تَذَكَّرُونَ}: ولم يقل: تتذكرون؛ لأن اتباع القرآن والسنة، وما أنزل اللهُ سبحانه لا يحتاج إلى وقت طويل؛ لكي يتذكرها الإنسان؛ لأنكم علمتم بها من قبل.
وأما تتذكرون: فتستعمل في الأمور، أو المسائل التي تحتاج إلى طول تأمل ونظر، مثل: مسألة الهداية، وترك عبادة الأصنام، وغيرها.