سورة الأعراف ٧: ٣٠
{فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُّهْتَدُونَ}:
أيْ: تعودون إليه فريقين فقط يوم القيامة.
{فَرِيقًا هَدَى}: استجاب لأوامر الله، وطاعته، وطلبوا الهداية، فهداهم الله، ونجوا من العذاب.
{وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ}: أي: العذاب؛ لأنهم ضلوا في الدنيا، ولأنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون؛ أيْ: بدلاً من الله سبحانه، {وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُّهْتَدُونَ}؛ أيْ: يظنون أنهم مهتدون، وأن صفة الهدى ثابتة لهم.
ما هو الفرق بين حسب، وظنَّ؟
الظنُّ: هو رجحان كفة الإثبات على كفة النفي.
والحسبان: هو الظن القائم على حساب حسي، وقلبي، أو الاعتقاد القائم على النظر والتجربة، ويسمَّى الظنَّ حسباناً من كثرة الاستعمال.
{وَيَحْسَبُونَ}: بصيغة المضارع؛ تدل على تجدُّد، وتكرار ظنهم.
ولا بُدَّ من مقارنة هذه الآية مع الآية (٣٦) من سورة النحل؛ لمعرفة معنى الضلالة في الآيتين:
في آية سورة الأعراف (٣٠) يقول تعالى: {فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ}.
وفي آية سورة النحل (٣٦) يقول تعالى: {فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِى الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ}.
إذا نظرنا في آية سورة النحل: نجده أنَّث الضلالة، فقال -جل جلاله- : {حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ}، وأما في آية سورة الأعراف؛ فذكر الضلالة، فقال: {حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ}؛ لأن معنى الضلالة في سورة الأعراف: العذاب؛ لأن سياق الآية في الآخرة، والآخرة ليس فيها عبادة، وتكليف، وليس فيها هداية، وضلالة، انتهى الأمر حين الموت، ومعنى الضلالة في سورة النحل: الضلالة فعلاً، وعدم الاهتداء؛ لأن سياق هذه الآية في الدنيا.