قَالَ ابْن الْأَثِير وَأقَام أَسد الدّين بِظَاهِر الْقَاهِرَة وغدر بِهِ شاور وَعَاد عَمَّا كَانَ قَرَّرَهُ لنُور الدّين من الْبِلَاد المصرية ولأسد الدّين أَيْضا
وَأرْسل إِلَيْهِ يَأْمُرهُ بِالْعودِ إِلَى الشَّام فَأَنف أَسد الدّين من هَذِه الْحَال وَأعَاد الْجَواب يطْلب مَا كَانَ اسْتَقر فَلم يجبهُ شاور إِلَيْهِ فَلَمَّا رأى ذَلِك أرسل نوابه فتسلموا مَدِينَة بلبيس وَحكم على الْبِلَاد الشرقية فَأرْسل شاور إِلَى الفرنج يستمدهم ويخوفهم من نور الدّين إِن ملك مصر
وَكَانَ الفرنج قد أيقنوا بِالْهَلَاكِ إِن ملكهَا نور الدّين فهم خائفون
فَلَمَّا أرسل شاور إِلَيْهِم يستنجدهم وَيطْلب مِنْهُم أَن يساعدوه على إِخْرَاج أَسد الدّين من الْبِلَاد جَاءَهُم فرج لم يحتسبوه وسارعوا إِلَى تَلْبِيَة دَعوته والمبادرة إِلَى نصرته وطمعوا فِي ملك ديار مصر
وَكَانَ قد بذل لَهُم مَالا على الْمسير إِلَيْهِ فتجهزوا وَسَارُوا
فَلَمَّا بلغ نور الدّين خبر تجهزهم للمسير سَار بعساكره فِي أَطْرَاف بِلَاده مِمَّا يَلِي الإفرنج ليمتنعوا من الْمسير فَلم يمتنعوا لعلمهم أَن الْخطر فِي مقامهم إِذا ملك أَسد الدّين مصر أَشد من الْخطر فِي مَسِيرهمْ فتركوا فِي بِلَادهمْ من يحفظها وَسَار ملك الْقُدس فِي البَاقِينَ إِلَى مصر
وَكَانَ قد وصل إِلَى السَّاحِل جمع كثير من الفرنج فِي الْبَحْر لزيارة الْبَيْت المقدَّس فاستعان بهم ملك الإفرنج فأعانوه وَسَار بَعضهم مَعَه وَأقَام بعض فِي الْبِلَاد يحفظها
فَلَمَّا قَارب الفرنج مصر فَارقهَا أَسد الدّين وَقصد مَدِينَة بلبيس وَأقَام بهَا هُوَ وَعَسْكَره وَجعلهَا ظهرا يتحصن بِهِ فاجتمعت العساكر المصرية والفرنجية ونازلوا أَسد الدّين بِمَدِينَة بلبيس وحصروه بهَا ثَلَاثَة أشهر وَقد امْتنع أَسد الدّين بهَا وسورها من طين قصير جدا وَلَيْسَ لَهُ خَنْدَق