فاستكتبه وزاحم بِهِ كتّاب الْقصر فثقل عَلَيْهِم أمره فَلَمَّا طلب أَسد الدّين كَاتبا أرسل بِهِ إِلَيْهِ وَظن رُؤَسَاء ديوَان المكاتبات أَن هَذَا أَمر لَا يتم وَأَن أَسد الدّين سيقتل كَمَا قتل من كَانَ قبله فأرسلوا بالفاضل إِلَيْهِ وَقَالُوا لَعَلَّه يُقتل مَعَه فنخلص من مزاحمته لنا فَكَانَ من أمره مَا كَانَ وَاسْتمرّ فِي الدولة وَلم يَزْدَدْ فِي كل يَوْم إِلَّا تقدماً بصدقه وَدينه وَحسن رَأْيه رَحمَه الله
وأنفذ الْعِمَاد قصيدة طَوِيلَة تهنئة لأسد الدّين أَولهَا
(بالجد أدْركْت مَا أدْركْت لَا اللّعب ... كم رَاحَة جُنيت من دوحة التَّعَب)
(يَا شيركوه بن شاذي الْملك دَعْوَة من ... نَادَى فعرَّف خير ابْن بِخَير أَب)
(جرى الْمُلُوك وَمَا حازوا بركضهم ... من المدى فِي الْعلَا مَا حزت بالخبب)
(تَمَلَّ من ملك مصر رُتْبَة قصرت ... عَنْهَا الْمُلُوك فطالت سَائِر الرتب)
(فتحت مصر وَأَرْجُو أَن تصير بهَا ... ميسرًا فتح بَيت الْقُدس عَن كثب)
(قد أمكنت أَسد الدّين الفريسة من ... فتح الْبِلَاد فبادر نَحْوهَا وثِب)
(أَنْت الَّذِي هُوَ فَرد من بسالته ... وَالدّين من عزمه فِي جحفل لجب)
(فِي حلق ذِي الشّرك من عدوي سطاك شجاً ... وَالْقلب فِي شجن وَالنَّفس فِي شجب)
(زارت بني الْأَصْفَر الْبيض الَّتِي لقِيت ... حمر المنايا بهَا مَرْفُوعَة الْحجب)
(وَإِنَّهَا نَقَد من خلفهَا أَسد ... أرى سلامتها من أعجب الْعجب)
(لقد رفعنَا إِلَى الرَّحْمَن أَيْدِينَا ... فِي شكرنا مَا بِهِ الْإِسْلَام مِنْك حبي)