يَرِدُ الإشكال هنا كيف تقول بأن فعل الأمر من المشتقات وهو مأخوذٌ من المصدر وهو الأصل؟ وحينئذٍ تقول هو مأخوذٌ من الفعل المضارع؟
الجواب أن المشتقات على نوعين:
منها ما يؤخذ من المصدر مباشرةً كالماضي.
ومنها ما يؤخذ من المصدر بواسطةٍ كفعل الأمر، بل بواسطتين هنا، أليس كذلك؟ أو بواسطة واحدة؟ واسطتان لماذا؟
لأن المضارع مأخوذٌ من الماضي، والماضي من الأمر إذًا هو حفيد (١) من المصدر نعم هو حفيد يعني. (وَبَدْأَهُ) أي: حرفًا مبدوءًا به في المضارع، وما هو الحرف الذي بُدأ به في المضارع؟ أحرف المضارعة التي هي أحرف ((نأيت))، إذًا أحرف ((نأيت)) نثبتها على الماضي من أجل أن ندل على أن الفعل صار مضارعًا، ثم إذا أردنا الأمر نحذفها نرده إلى السابق ... (وَبَدْأَهُ) أي: حرفًا مبدوءًا به المضارع (احْذِفْ)، (احْذِفْ) (بَدْأَهُ)، (بَدْأَهُ) هذا إيش إعرابه؟ مفعولٌ به مقدم (احْذِفْ) (بَدْأَهُ)، والضير يعود على المضارع يعني: الحرف المبدوء به الفعل المضارع (احْذِفْ يَكُ أَمْرَ حَاضِرِ)، (يَكُ) وهذا
مجزوم لوقوعه في جواب الطلب (احْذِفْ) (بَدْأَهُ) (يَكُ)، يكن هذا الأصل يكن
وَمِنْ مُضَارِعٍ لِكَانَ مُنْجَزِمْ ... تُحْذَفُ نُونٌ وَهُوَ حَذْفٌ مَا الْتُزِمْ (٢)
يعني: يجوز إذا كان الفعل مضارعًا مجزومًا سواءٌ كان بجازمٍ ملفوظٍ به كلم ونحوها، أو كان واقعًا في جواب الطلب يجوز حذف النون، لكنه حذفٌ جائزٌ لا واجب، وهنا كذلك أصل يكن بالنون حذفت من أجل التخفيف، ولهم شروطٌ في ذلك، إذًا (يَكُ) يكن هذا فعل مضارع ناقص مجزومٌ لوقوعه في جواب الطلب احذف بدأه يك إن تحذف يكن هذا المراد بالطلب، (يَكُ أَمْرَ) بالنصب على أنه خبر (يَكُ) واسمه محذوف يعود على المضارع (يَكُ) المضارع يعني: يصير (أَمْرَ حَاضِرِ) أمر مفردٍ مذكرٍ حاضرٍ (حَاضِرِ) اسم فاعل حَضَرَ ضد الغائب، الحاضر ضد الغائب، ... (وَهَمْزًا انْ) بنقل حركة الهمزة وإسقاطها لأجل الوزن، (وَهَمْزًا انْ سُكِّنَ تَالٍ صَيِّرِ) الواو داخلةٌ على (صَيِّرِ)، (صَيِّرِ) هي التي تلي الواو، وصير تالٍ همزة، وصير نعم وصير هذا أمرٌ من التصيير وصير ماذا؟ الحرف الذي بدأ به، متى؟ بعد حذف حرف المضارعة، إذًا حذفنا حرف مضارعة بقي ماذا؟ بقي الحرف الذي بُدأ به بعد حذف المضارعة صير ذلك الحرف همزًا متى؟
(١) سبق.
(٢) الألفية البيت: ١٥٧.