مُنطلقٌ, بمعنى: بلغني انطلاقُك, فكذلك تقولُ: أن تأتيني خيرٌ لك, كأنك قُلتَ: إتيانُك إيّايَ خيرٌ لك, فلهذه العلةِ من الشبهِ عملت النصبَ.
فأمَّا جوازُ عملها فلأنها نقلت الفعلَ نقلينِ: إلى الاستقبالِ, ومعنى المصدَرِ؛ فلهذه العلةِ عملتْ, ولشبهِها بأنَّ الشديدةِ عملت النصبَ خاصةً.
وهي أصلٌ في العملِ؛ لأنها لم تعمل بحقِّ الشبهِ لعامل الفعلِ, وهي أمُّ حروفِ النصبِ؛ لأن غيرها /٩٣ أيعملُ بتضمنِ معناها, وتعملُ هي بحقها في نفسها, فقد جمعت هذه الأوجهَ الأربعةَ: أنها عاملةٌ, وأنها تعملُ النصب خاصةً, وأنها أصلٌ في عمل النصبِ, وأنها أمٌّ في العواملِ. والعللُ التي بيَّنّا.
ولا تعملُ سوفَ في الفعلِ؛ لأنها نقلته نقلاً واحداً إلى معنى الاستقبالِ, فلما غيرته بوجهٍ واحدٍ؛ كفى في ذلك دخولُها على الفعلِ, ولما غيرته الحروفُ الأُخر بوجهينِ؛ لم يكفِ في ذلك دخولُها على الفعلِ دونَ علامةٍ زائدةٍ تكونُ لهذا المعنى الزائدِ؛ لما في ذلك من حُسنِ البيانِ على هذا الوجهِ.
وكي تعملُ؛ لشبهِها بعاملِ الاسمِ؛ إذ كانت تنقلُ إلى الاستقبالِ, والغرضِ, وكلاهم يكونُ في الاسمِ, كقولك: جئتُه مخافةَ شره, وطمعاً في خيره.
وتعملُ النصبَ؛ لشبهِها بأن إذا قُلتَ: جئتُه أن يُكرمني, وكي يُكرمَني.