الضرب الأول أن يأخذ الناثر البيت من الشعر فينثره بلفظه، وهو أدنى مراتب الحل
قال في «المثل السائر» : وهو عيب فاحش، إذ لم يزد في نثره على أنه أزال رونق الوزن وطلاوة النظم لا غير. قال ومثله كمن أخذ عقدا قد أتقن نظمه، وأحسن تأليفه، فأوهاه وبدّده؛ وكان يقوم عذره في ذلك لو نقله عن كونه عقدا إلى صورة أخرى مثله أو أحسن منه. وأيضا فإنه إذا نثر الشعر بلفظه كان صاحبه مشهور السرقة فيقال هذا شعر فلان بعينه لكون ألفاظه باقية لم يتغير منها شيء.
وبالجملة فحلّ الشعر بلفظه لا يخرج عن حالين.
الحال الأول- أن يكون الشعر مما يمكن حله بتقديم بعض ألفاظه وتأخير بعضها، وله في حله طريقان.
الطريق الأول- أن يحله بالتقديم والتأخير من غير زيادة في لفظه
: كما ذكر صاحب «الصناعتين» عن بعض الكتاب أنه حلّ قول البحتريّ:
أطل جفوة الدّنيا وتهوين شأنها ... فما الغافل المغرور فيها بعاقل
يرجّي الخلود معشر ضلّ سعيهم ... ودون الذي يرجون غول الغوائل
إذا ما حريز القوم بات وماله ... من الله واق فهو بادي المقاتل
فقال في نثرها: أطل تهوين شأن الدنيا وجفوتها، فما المغرور الغافل فيها بعاقل. ويرجو معشر ضلّ سعيهم الخلود، وغول الغوائل دون ما يرجون.
وإذا بات حريز القوم وماله من الله واق فهو بادي المقاتل. فلم يزد في ألفاظها شيئا.
الطريق الثاني- أن يحلّه بزيادة على لفظه
كما حكى الجاحظ عن قليب المعتزلي أنه سمع منشدا ينشد للعتبيّ:
أفلت بطالته وراجعه ... حلم وأعقبه الهوى ندما