ألقى عليه الدّهر كلكله ... وأعاره الإقتار والعدما
فإذا ألم به أخو ثقة ... غضّ الجفون ومجمج الكلما
فنثرها فقال يستعطف بعض الملوك على رجل من أهله: جعلني الله فداك ليس هو اليوم كما كان، إنه وحياتك أفلت بطالته، إي والله وراجعه حلمه، وأعقبه وحقك الهوى ندما. أحنى الدهر عليه والله بكلكله، فهو اليوم إذا رأى أخا ثقة غضّ بصره ومجمج كلامه. فزاد في نثره ألفاظا على ألفاظ الشعر.
ونحو ذلك ما حكاه ضياء الدين بن الأثير «١» عن بعض العراقيين أنه نثر قول بعض شعراء الحماسة:
وألدّ ذي حنق عليّ كأنما ... تغلي عداوة صدره في مرجل
أرجيته عني فأبصر قصده ... وكويته فوق النّواظر من عل
فقال في نثره: فكم لقي ألدّ ذا حنق كأنه ينظر إلى الكواكب من عل وتغلي عداوة صدره في مرجل، فكواه فوق ناظريه، وأكبّه لفمه ويديه.
الحال الثاني- أن يكون الشعر مما لا يمكن حله بتقديم بعض ألفاظه وتأخير بعضها
، فيحتاج في نثره إلى الزيادة فيه، والنقص منه، وتغيير بعض ألفاظه حتى يستقيم كقول الشاعر:
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده ... فلم يبق إلّا صورة اللّحم والدّم
فإن المصراع الثاني من البيت لا يمكن حلّه بالتقديم والتأخير لأنك تقول في المصراع الأول: فؤاد الفتى نصف ولسانه نصف ولا يمكن ذلك في المصراع الثاني حتى تزيد فيه أو تنقص منه فتقول مثلا: فؤاد الفتى نصف