استوعب جميع الأشياء على الاستقصاء في كلمتين لم يخرج عنهما شيء؛ وقوله أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ
«١» فدخل تحت الأمن جميع المحبوبات لأنه نفى به أن يخافوا شيئا من الفقر والموت وزوال النّعمة والجور وغير ذلك؛ وقوله: لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ
«٢» جمع منافع الدنيا والآخرة؛ وقوله في صفة خمر أهل الجنة: لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ
«٣» انتظم بقوله: وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ
عدم ذهاب العقل وذهاب المال ونفاد الشراب، فلم يكن فيها شيء من ذلك؛ وقوله: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ
«٤» فجمع فيها مكارم الأخلاق بأسرها، لأنّ في العفو صلة القاطعين، وإعطاء المانعين؛ وفي الأمر بالمعروف تقوى الله تعالى، وصلة الرحم، وصون اللسان عن الكذب، وغض الطّرف عن المحرّمات، والتبرّي من كل قبيح، إذ لا يأمر بالمعروف من هو ملابس شيئا من المنكر؛ إلى غير ذلك من الآيات التي لا تحصى كثرة.
ومن كلام النبوة قوله صلّى الله عليه وسلّم: «نيّة المرء خير من عمله» وقوله عليه السلام:
«حبّك الشّيء يعمي ويصمّ» إلى غير ذلك من جوامع الكلم.
الضرب الثاني الإطناب
وهو الإشباع في القول، وترديد الألفاظ المترادفة على المعنى الواحد. وقد وقع منه الكثير في الكتاب العزيز، مثل قوله تعالى: كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ
«٥» وقوله جلّ وعزّ: فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً
«٦»