كرر اللفظ في الموضعين تأكيدا للأمر وإعلاما أنه كذلك لا محالة. وقوله: فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ
«١» فكرر إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ
من حيث إن الكفر وإن تعدّدت أقسامه لا يخرج عن تعطيل أو شرك، ففي قوله: فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ
نفي التّعطيل بإثبات الإله، وفي قوله: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ*
حيث عدّد فيها نعمه، وأذكر عباده آلاءه، ونبّههم على قدرها، وقدرته عليها، ولطفه فيها، وجعلها فاصلة بين كلّ نعمة ونعمة، تنبيها على موضع ما أسداه إليهم فيها، وكذلك كرّر في سورة المرسلات: فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ*
تأكيدا لأمر القيامة المذكورة فيها. وقد وقع التكرار للتأكيد في كلام العرب كثيرا كما في قول الشاعر:
أتاك أتاك اللّاحقون أتاكا «٢»
وقول الآخر:
كم نعمة كانت لكم كم كم وكم
إلى غير ذلك مما وقع في كلامهم مما لا تأخذه الإحاطة.
الضرب الثالث المساواة
بأن تكون الألفاظ بإزاء المعاني في القلة والكثرة لا يزيد بعضها على بعض.
وقد مثل له العسكريّ في «الصناعتين» بقوله تعالى: حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ
«٣» وقوله: وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ
«٤» وقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لا تزال أمّتي بخير ما لم تر الأمانة مغنما، والزّكاة مغرما» وقوله: «إيّاك والمشارّة، فإنها تميت