الفصل الأول: في المساجد
اعلم (١-ب) , أن المسجد الواحد إذا جمع الإمام والمأموم صح الاقتداء بالإمام إذا وجد شرط واحد: وهو علم المأموم, إما بأن يشاهده, أو بأن يسمع صوت تكبيره, وإما بأن يسمع صوت المترجم١, أو يراه, أو بعض من يعلم بصلاته أحد هذه الأسباب, سواء تباعدت المسافة بينهما أو تقاربت, سواء كان بين الإمام والمأموم الحوائل التي تكون في المسجد, أو لم تكن مثل السقايات٢ المبنية وجدار المقصورة٣, وسائر الأبنية, ولا يشترط اتصال الصفوف بحال, وإنما كان كذلك, لأن المسجد مبني لهذه العبادة ولإقامة الجماعة, فصارت بقاعه متساوية بالاجزاء في حكم الاقتداء, حتى لو كان الإمام على السطح والمأموم على القرار٤, أو المأموم على السطح والإمام على القرار, فالصلاة جائزة.
وكذلك لو كان المأموم في حجرة منارة المسجد أو تحت شرف٥ في المسجد والإمام على الأرض, أو بالعكس من ذلك, فالاقتداء صحيح في جميع ذلك, ما دام يعلم صلاة الإمام للعلة التي ذكرناها.
وإن كان في صحن المسجد نهر: لم يكن حائلا, سواء كان متضايق الحافات, أو كان واسعا.
وحكي عن بعض أهل العراق –من أصحاب الرأي-: أن النهر الواسع حائل وإن
١- ترجم الكلام: بينه ووضحه, ونقله من لغة إلى أخرى وهو ما يعرف بالمبلغ.
انظر: "المعجم الوجيز" (٧٤) .
٢- والسقاية: الموضع الذي يتخذ في الشراب. "لسان العرب" مادة " السقي".
٣- غرفة خاصة معزولة عن باقي غرف الدار وأعلى منها, ومقصورة الإمام: الحجرة في طرف المحراب يصلي فيها الأمير عادة خشية اغتياله.
" لسان العرب" مادة: "قصر" " معجم لغة لفقهاء".
٤- القرار: المستقر من الأرض. "راجع لسان العرب" مادة "قرر", و"مختار الصحاح" مادة "قرر".
٥- الشرفة: سقيفة بارزة من البيت تطل على ما حولها.
"لسان العرب" مادة: "شرف", و"مختار الصحاح".