كان في المسجد, وهذا مستبعد, لأنه لو كان النهر حائلا لكانت الأبنية حائلة, ولكانت المسافة البعيدة حائلة.
فصل
المساجد المتداخلة التي تعد مسجدا: حكمها في الاقتداء حكم المسجد الواحد.
وذلك: مثل الجامع١ بنيسابور٢ يشتمل على مساجد غير أن جميعها تعد مسجدا واحدا, وتقام فيه الجماعة واحدة, فجدرانها كالأساطين٣ في مسجد واحد, ولو وقف الإمام في محراب ووقف رجل في المسجد الثاني على العتبة أو في المسجد الذي على اليمين أو على اليسار ولم يقف (٢-أ) بينهما أحد, صح اقتداؤه به, إذا علم بصلاته بسماع أو ملاحظة, وكذلك على ( ... ) ٤.
فأما إذا كان في جوار المسجد مسجد آخر, ينفرد الإمام والمؤذن والجماعة, فلا يصح لمن في أحدهما أن يقتدي بالآخر, إلا بشرط اتصال الصفوف, لانفراد واحد منهما عن الآخر, فحكمه في عقد الجماعة, فصار كالأملاك المتصلة بالمسجد, وسيأتي الكلام في ذلك إن شاء الله تعالى.
وقد قال الشافعي رضي الله عنه٥: إنه لو كان الإمام والمأموم في المسجد, غير أن المأموم أعمى, لكنه يسمع صوت الإمام أو صوت من يعتمده: صح له الاقتداء به وإن لم يشاهده.
وكذلك, لو كان المأموم أصم بصيرا: يشاهد الركوع والسجود: صح الاقتداء.
فأما إذا كان أصم أعمى, فقد قال: ينبغي أن يكون بجانب من يرشده, وكذلك لو كان أصم بصيرا, ولكنه في ظلمة أو من وراء حائل.
١- المسجد الجامع: المسجد الكبير الذي تؤدى فيه الصلاة الجمعة, جمع: جوامع.
انظر: "معجم لغة الفقهاء" (ص: ١٥٨) .
٢- نيسابور: بفتح أوله, وهي مدينة عظيمة ذات فضائل جسيمة معدن الفضلاء ومنبع العلماء, لم أر فيه طوفت من البلاد مدينة كانت مثلها, قاله الحموي, "معجم البلدان" للحموي (٥/٣٣١) .
٣- الاسطوانة: السارية. انظر: "لسان العرب" مادة "سطن".
٤- بالأصل كلمة غير مقروءة مع ظهورها.
٥- هو: محمد بن إدريس, بن عباس, بن عثمان, بن شافع، بن السائب, بن عبيد, بن عبد زيد, بن هاشم, بن المطلب, بن عبد المناف, بن قصي, بن كلاب, بن مرة, بن كعب, بن لؤي, بن غالب الإمام, عالم العصر: ناصر الحديث, فقيه الملة أبو عبد الله القرشي المطلبي الشافعي المكي الغزي المولد سنة ١٥٠هـ ومات ٥٠٤ وله أربع وخمسون سنة, وقيل: ثمانية وخمسون –رحمه الله تعالى.
انظر: "سير أعلام النبلاء" (١٠/٥) .