وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لما صنع المنبر, صلى عليه والناس ينظرون إليه, ثم قال: "صلوا كما رأيتموني أصلي" ١.
فلو كان الإمام٢ فلا بأس.
صلى أبو هريرة (٧-ب) رضي الله عنه على ظهر المسجد بصلاة الإمام في المسجد٣, وليس في شيء من ذلك كراهية.
والوقوف على القرار الذي وقف عليه الإمام: أحب إلينا في المسجد وغيره.
قال الشافعي رضي الله عنه: إذا كان المسجد مملوءا, فلم يجد الداخل فيه موضعا: يصلي في رحبة٤, بحيث يعقل صلاته أو صلاة من خلفه, ويرى ركوعهم وسجودهم: أجزأه, والاختيار له: أن لا يعقل, وهكذا, إذا صلى أحد على ظهر المسجد بصلاة الغمام وهو يعقل ركوعه وسجوده: أجزأه.
وأحب إلى: أن يكون مستويا في الأرض معه.
وقد روي: أن جماعة خلف أبي سعيد الخدري وهو واقف على مرتفع من الأرض, وكان حذيفة في القوم, فجذب حذيفة أبا سعيد في الصلاة, فرأه, فانجذب حتى وقف على المكان المستوي, فلما فرغ قال له حذيفة: ألم تعلم أن رسول الله صلى عليه وسلم نهانا عن مثل ذلك؟ فقال أبو سعيد: ألم ترى كيف تابعتك؟ ٥.
١- أخرجه البخاري (٩١٧) ومسلم (٥٤٤) من حديث سهل بن سعد دون قوله: "صلوا كما رأيتموني أصلي" وتمام الحديث عند البخاري ومسلم "صنعت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي".
وأما قوله: "صلوا كما رأيتموني أصلي": فقد أخرجه البخاري (٦٣١) من حديث مالك بن الحويرث, فادخل المؤلف حديثا في حديث, ولذا لزم التنبيه.
٢- قول: "فلو كان الإمام" كرر بالأصل.
٣- أخرجه بن أبي شبة (٢/٦٦) والبيهقي (٣/١١١) وذكره البخاري تعليقا عند الحديث رقم (٣٧٧) من طريق صالح مولى التوأمة.
وقال الحافظ في " الفتح": وصالح فيه ضعف, لكن رواه سعيد بن منصور من وجه آخر عن أبي هريرة فاعتضد.
انظر: "التلخيص الحبير" (٢/٤٣) .
٤- رحبة المسجد: بفتح الخاء: ساحته وجمعها, رحب, "مختار الصحاح" مادة "رحب".
٥- ما رواه أبو داود (٥٩٧) من طريق همام أن حذيفة أم الناس بالمدائن على دكان, فأخذ أبو مسعود بقميصه فجذبه, فلما فرغ من صلاته قال: ألم تعلم كانوا ينهون عن ذلك؟ قال: بلى قد ذكرت حين مددتني.
وفيه (٥٩٨) أن الإمام كان عمار بن ياسر والذي جذبه حذيفة وهو مرفوع لكن فيه مجهول. وأخرج الدارقطني (٢/٨٨) عن همام عن أبي مسعود نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقوم الغمام فوق شيء وخلفه يعني أسفل منه, قال: لم يروه غير زياد البكاء ولم يروه غيرهما فيما نعلم.
ولم أقف على الرواية التي ذكرها المصنف.