الفصل الثامن: في الصحراء إذا اتصلت بالمسجد
من وقف في الصحراء مقتديا بالإمام الواقف في المسجد وبينه وبين بناء المسجد ثلاثمائة ذراع: صحت صلاته, وإن لم يكن بينه وبين بناء المسجد صف, لأن هذا القدر من المسافة حد القرب لا حد البعد.
وقد ذكرنا ذلك بأصله فيما تقدم.
وقال بعض مشايخنا: إنما يعتبر هذه المسافة من آخر الصف من صفوف المسجد ( ... ) ١ الشافعي بخلافه, لأنه قال: وقربه ما يعرفه وأن يتصل بشيء في المسجد, لا حائل دونه, فيصلي منقطعا عن المسجد وبنائه على قدر مائتي ذراع وثلاثمائة ذراع ونحو ذلك, فإذا جاوز ذلك: لم يجزه.
فقد اعتبر الشافعي رضي الله عنه المسافة وبناء المسجد كما ترى.
وعطاء بن أبي رباح: مذهب موسع في هذه المسألة ونظائرها.
ولا يصلي بصلاة الإمام من علمها:
وهذا بعيد عن ظاهر الكتاب والسنة ومعنى الإجماع:
أما ظاهر الكتاب: فقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا (٨-أ) إِلَى ذِكْرِ اللَّه} الجمعة: ٩. الآية.
ولو جوزنا أن يصلي الناس بصلاة الإمام إذا علموها وتحققوها, جاز أن يصلي الناس في أسواقهم, وعلى سطوح منازلهم, وقوارع طرقهم, وإن تباعدوا عن المسجد من غير أن تتصل الصفوف به, ولبطل السعي المأمور به.
١- بالأصل قدر ثلاث كلمات غير مقروءة.