ويذكر كذباته الثلاث ويحيلهم على موسى، وكذلك يفعل موسى، ويذكر قتله نفسا لم يؤمر بقتلها، ويحيلهم على عيسى، وكذلك يفعل عيسى ويحيلهم على محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
ولم يأت في أحاديث الشفاعة على كثرتها أن الناس في القيامة يذهبون إلى غير هؤلاء الرسل الأربعة المسمين في هذا الحديث، وذلك لأنهم أولو العزم من الرسل (١)
الذين أمر نبينا - عليه السلام - أن يصبر كصبرهم على أحد التأويلين.
ولأجل علو درجتهم (ق.٤١.أ) وكونهم أفضل الرسل ذكرهم الله تعالى في كتابه على التعيين في غير موضع، فقال سبحانه: {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} ... الشورى: ١٣.
وقال تعالى لنبينا - عليه السلام -: {َوإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً} ... الأحزاب: ٧.
وأما آدم - عليه السلام - فلم يذكره الله تعالى مع هؤلاء الرسل في هاتين الآيتين وجاء ذكره معهم في أحاديث الشفاعة، والذي يظهر لنا في ذهاب الخلق أولا
(١) أي أولو الحزم والجد والصبر وكمال العقل، وهم: محمد ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم.
ولم يرسل الله تعالى من رسول إلا وهذه الصفات فيه مجتمعة، غير أن هؤلاء الخمسة أصحاب الشرائع المشهورة كانت هذه الصفات فيهم أكمل، وأعظم من غيرهم، كما في معارج القبول (٢/ ٦٨ - ٦٩).
وانظر شرح الطحاوية (٣١١).