كان متعبدًا للمحبوب والمتيم المتعبد، وتيَّم الله عبده» (١).
قال ابن القيم -رحمه الله-:
وعبادة الرحمن غاية حبّه … مع ذل عابده هما قطبان
وعليهما فلك العبادة دائر … ما دار حتى قامت القطبان
ومداره بالأمر أمر رسوله … لا بالهوى والنفس والشيطان (٢)
«والناس في هذا على درجات متفاوتةٍ، لا يحصي طرقها إلا الله، فأكمل الخلق وأفضلهم وأعلاهم وأقربهم إلى الله وأقواهم وأهداهم أتمهم عبودية لله من هذا الوجه» (٣).
ولقوله سبحانه: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)} شبيهان في السنة المطهرة من كلام المعصوم -صلى الله عليه وسلم- الذي لا ينطق عن الهوى.
الأول: في قوله -صلى الله عليه وسلم- في خطبة الحاجة: «إنَّ الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره» (٤).
والثاني: في قوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث ابن عباس -رضي الله عنه- المشهور: «إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله» (٥).
ولا سعادة للبشرية ولا طمأنينة ولا راحة ولا نجاة لها من الآفات والمهلكات إلا بتحقيق العبودية الكاملة التامة لرب البرية.
وإنما قدم العبادة وأخر الاستعانة مع دخولها في العبادة ضمنًا، لتأكيد أمر الاستعانة، ولبيان مكانتها وقدرها ولضرورة حاجة العبادة إليها، وأنه لا توفيق ولا
(١) العبودية (ص ١٥٢).
(٢) الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية (ص ٣٢).
(٣) العبودية (ص ١٣٣ - ١٣٤).
(٤) سبق تخريجها في المقدمة.
(٥) أخرجه الترمذي (٢٥١٦)، وأحمد (٢٨٠٢)، وأبو يعلى (٢٥٥٦)، و الطبراني (١٢٨٢٠) (١٢٩٨٩)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (٤١٩)، والبيهقي في شعب الإيمان (١٠٧٤).