النَّبِيِّينَ وَالْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ {فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ} النِّسَاءِ: ٦٩» (١).
فالمنعم عليهم إذًا: هم الذين قال الله تعالى عنهم في سورة النساء: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (٦٩) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا (٧٠)} النساء.
«وفيه الإشارةُ إلى الاقتداء بالسلف الصالح» (٢) (٣).
وقوله: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ}. «أي: غير الذين غَضِبت عليهم، وهم اليهود. {وَلَا الضَّالِّينَ (٧)}؛ أي: ولا الذين ضلُّوا، وهم النصارى، فكأن المسلمين سألوا الله -تعالى- أن يهديَهم طريق الذين أنعم عليهم، ولم يغضب عليهم كما غضب على اليهود، ولم يضلوا عن الحق كما ضلَّت النصارى» (٤).
وقال الضحاك، وابن جريج، عن ابن عباس {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ}: هم اليهود، ولا {الضَّالِّينَ (٧)} هم النصارى، وكذلك قال الربيع بن أنس، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وغير واحد، وقال ابن أبي حاتم: ولا أعلم بين المفسرين في هذا اختلافًا.
وشاهد ما قاله هؤلاء الأئمة من أن اليهود مغضوب عليهم، والنصارى ضالون، قوله تعالى في خطابه مع بني إسرائيل في سورة البقرة: {بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ (٩٠)} البقرة، وقال في المائدة: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ
(١) تفسير البغوي (١/ ٥٤).
(٢) فتح البيان في مقاصد القرآن:) ١/ ٥٢) أبو الطيب محمد صديق خان.
(٣) وهو الشيخ محمد صديق بن حسن بن علي بن لطف الله القِنَّوجِي البخاري الحسيني ولد عام ١٢٤٨ هـ ببلدة (بانس بريلي). نقلًا عن الموسوعة الحرة.
(٤) الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي (٢/ ١).