وهم جاحدون منكرون لثبوته أصلًا؟!، فلا يعمل لهذا اليوم ويعدّ له عدته إلا مَن آمن به واستقر في قلبه ثبوته ووقوعه.
وفي مثل هذا ورد قوله تعالى: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (٢٤)} الجاثية.
والمعنى: «وقال هؤلاء المشركون الذين تقدم خبره عنهم: ما حياة إلا حياتنا الدنيا التي نحن فيها لا حياة سواها تكذيبًا منهم بالبعث بعد الممات» (١).
و «هذا إنكار منهم للآخرة وتكذيب للبعث وإبطال للجزاء» (٢).
كما قال تعالى: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (١٤٠)} الأنعام.
وقد أخبر الله سبحانه وتعالى عن اليوم الآخر وأقام الأدلة القاطعة والبراهين الساطعة على وقوعه، ورد على المعاندين والجاحدين والمنكرين له في عموم سور القرآن الكريم ولا سميا في السور المكية التي تقرر عقيدة الإيمان بالله واليوم الآخر.
وانكار الآخرة والبعث بعد الموت كفر بواح محبط للعمل مخرج من الملة موجب للخلود في النار أبد الآبدين.
لأنه أمر قد عُلِمَ من دين الله بالضرورة، وقد أجمعت الأمة على أن من جحده وأنكره كفر الكفر الأكبر المخرج من الملة، كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا … بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٤٧)} الأعراف، ومعنى {وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ} المؤمنون: ٣٣ أي: «كذبوا بالبعث وما يعقبه، وقالوا: ما هي إلا حياتنا الدنيا نلهو ونلعب، وما نحن بمبعوثين، وحسبوا أن الإنسان يترك سدى، ونزلوا به عن مكانته التي خلقه الله تعالى عليها» (٣).
(١) الطبري (٢٢/ ٧٨).
(٢) القرطبي (١٦/ ١٦٠)، تفسير الماوردي (١٥/ ٢٦٦).
(٣) زهرة التفسير-محمد أبو زهر، تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا … بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا … يَعْمَلُونَ (١٤٧)} الأعراف.