أطاع الله منهم دخل الجنة، ومن عصاه سبحانه دخل النار، -عز وجل-: {وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (١٥٨)} الصافات.
قال مجاهد: «أنها ستحضر للحساب» (١).
أي: «ستحضر أمر الله وثوابه وعقابه» (٢).
ويقول ابن سعدي -رحمه الله-: «أي: جعل هؤلاء المشركون بين اللّه وبين الجنة نسبًا، حيث زعموا أن الملائكة بنات اللّه، وأن أمهاتهم سروات الجن، والحال أن الجِنَّة قد علمت أنهم محضرون بين يدي اللّه، ليجازيهم عبادًا أذلاء، فلو كان بينهم وبينه نسب لم يكونوا كذلك» (٣).
وقد عقد الإمام البخاري -رحمه الله- في كتاب بدء الخلق من صحيحه الجامع بابًا أسماه: «باب ذكر الجن وثوابهم وعقابهم».
وأن مصير مؤمنيهم وموحديهم الجنة، وأن مثوى كافريهم وعصاتهم النار.
والدليل على أن مؤمني الجن يدخلون الجنة: قول الله تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (٤٦) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٤٧)} الرحمن.
فالخطاب في صدر سورة الرحمن للثقلين جميعًا، وما يزال الخطاب هنا متصلًا بهما أيضًا؛ والدليل على أن كفارهم وعصاتهم يدخلون النار قوله تعالى: {قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ} الأعراف: ٣٨.
وقوله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} الأعراف: ١٧٩.
وقوله سبحانه في خطاب إبليس: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٥)} ص.
وفي هذا دلالة على أنهم مكلفون ومحاسبون، لأن التكليف يترتب عليه ثواب
(١) جامع البيان للطبري (٢١/ ١٢٢).
(٢) تفسير ابن عطية (٧: ٣١٥).
(٣) تفسير ابن سعدي (ص/ ٧٠٨).