وعقاب، والثواب والعقاب مترتبان على الاستجابة لله وعدمها، فمن استجاب أُثِيبَ ومن لم يستجب عُوقِبَ.
وقد عقد الشبلي بابًا قال فيه: «باب في أن الجن مكلفون بإجماع أهل النظر».
نقل فيه عن أبي عمر بن عبد البر: أن الجن عند الجماعة مكلفون مخاطبون لقوله تعالى: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (١٣)} الرحمن. وقال الرازي في تفسيره: «أطبق الكل على أن الجن كلهم مكلفون» (١).
ورسولنا محمد -صلى الله عليه وسلم- مرسل إلى الجنّ والإنس.
يقول ابن تيمية -رحمه الله-: «وهذا أصل متفق عليه بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان وأئمة المسلمين، وسائر طوائف المسلمين: أهل السنة والجماعة، وغيرهم.
يدل على ذلك تحدي القرآن الجن والإنس {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (٨٨)} الإسراء. وقد سارع فريق من الجن إلى الإيمان عندما استمعوا القرآن: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (١) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (٢)} الجن: ١ - ٢» (٢).
«يقول تعالى آمرًا رسوله -صلى الله عليه وسلم- أن يخبر قومه: أن الجن استمعوا القرآن فآمنوا به وصدقوه وانقادوا له» (٣).
فـ «فيه إثبات سماع الجن للقرآن وإعجابهم به، وهدايتهم بهديه، وإيمانهم بالله» (٤).
وفي استماع الجن للقرآن وإيمانه به ووصفه بأحسن الأوصاف إقرار منهم بالعبودية لله تعالى.
(١) غرائب وعجائب الجن للشبلي (ص ٤٩).
(٢) مجموع الفتاوى (١٩/ ٩).
(٣) ابن كثير (٨/ ٢٣٨).
(٤) أضواء البيان للشنقيطي (٣/ ٨١٧).