«وعلى هذا فالمراد: العصمة من الفتنة، والإِضلال أو إزهاق الروح، والله أعلم» (١).
ومن الأدلة والبراهين والشواهد الواضحات الجليات على عصمة الله لنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- وحفظه من أن يقتل حتى يبلغ رسالة ربه سبحانه ما رواه الشيخان عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- غَزْوَةً قِبَلَ نَجْدٍ فَأَدْرَكَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- تَحْتَ شَجَرَةٍ فَعَلَّقَ سَيْفَهُ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا، قَال: وَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِي الْوَادِي يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ رَجُلًا أَتَانِي وَأَنَا نَائِمٌ فَأَخَذَ السَّيْفَ فَاسْتَيْقَظْتُ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِي فَلَمْ أَشْعُرْ إِلا وَالسَّيْفُ صَلْتًا فِي يَدِهِ، فَقَالَ لِي: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُ، ثُمَّ قَالَ فِي الثَّانِيَةِ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُ، قَالَ: فَشَامَ السَّيْفَ فَهَا هُوَ ذَا جَالِسٌ»، ثُمَّ لَمْ يَعْرِضْ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (٢).
«ففيه بيان توكل النبي -صلى الله عليه وسلم- على الله، وعصمة الله تعالى له من الناس، قال الله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} (٣).
٩ - قتلهم الأنبياء.
لم يقتل أنبياء الله إلا اليهود فهم الذين قتلوا زكريا ويحيى -عليهما السلام-.
قال تعالى: {وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ} البقرة: ٦١، وقال سبحانه: {لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ (٧٠)} المائدة.
١٠ - وقتلهم كذلك للمصلحين والدعاة إلى الله.
قال تعالى: {وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ} آل عمران: ٢١.
١١ - اتباعهم السحر واستعانتهم بالشياطين.
(١) فتح الباري (٦/ ٨٢).
(٢) البخاري (٢٩١٠)، ومسلم (٨٤٣).
(٣) شرح النووي على مسلم) ١٥/ ٤٤).