وَانْحَرْ (٢) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٣)} الكوثر (١) وروى أبو داود بإسناد صحيح عن ابن عباس: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان لا يعرف فصل السورة (٢) -وفي رواية انقضاء السورة- حتى ينزل عليه {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}» (٣) (٤).
ويقول العلَّامة الشنقيطي -رحمه الله-: «اختلف العلماء في البسملة، هل هي آية من أول كل سورة؟ أو من الفاتحة فقط؟ أو ليست آية مطلقًا؟ أما قوله في سورة النمل: {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣٠)}: فهي آية من القرآن إجماعًا.
وأما سورة «براءة»: فليست البسملة آية منها اجماعًا، واختُلف فيما سوى هذا، فذكر بعض أهل الأصول أن البسملة ليست من القرآن، وقال قوم: هي منه في الفاتحة فقط، وقيل: هي آية من أول كل سورة، وهو مذهب الشافعي -رحمه الله-.
ومِن أحسن ما قيل في ذلك -الجمع بين الأقوال-: بأن البسملة في بعض القراءات -كقراءة ابن كثير- آية من القرآن، وفي بعض القراءات: ليست آية، ولا غرابة في هذا.
فقوله في سورة «الحديد» {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٢٤)} الحديد لفظة (هُوَ) من القرآن في قراءة ابن كثير، وأبي عمرو، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وليست من القرآن في قراءة نافع، وابن عامر؛ لأنهما قرءا (فإن الله الغني الحميد)، وبعض المصاحف فيه لفظة (هُوَ)، وبعضها ليست فيه.
وقوله: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (١١٥)} البقرة، {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا} البقرة: ١١٦ الآية، فالواو من قوله: {وَقَالُوا} في هذه الآية من القرآن على
(١) أخرجه البخاري (٤٩٦٤)، ومسلم (٤٠٠).
(٢) أخرجه الحاكم (٨٤٥) بلفظ: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يعلم ختم السورة حتى تنزل {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}. وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
قلت: رواته ثقات سوى سلم بن الفضل فمحله الصدق الذهبي في السير (١٦: ٢٧).
(٣) أخرجه عبد الرزاق (٢٦١٧) بإسناد صحيح ظاهر الإرسال.
(٤) تفسير المنار (١/ ٣٤).