المسألة الثالثة:
أوجه الخيرية في النسخ:
قال ابن عقيل: (وما هو خير لنا يحصل من وجوه:
أحدها: في السهولة المخففة عنا ثقل التكليف، وذلك خير من وجهين:
أحدهما: انتفاء المشقة على النفس، والثاني: حصول الاستجابة والمسارعة، فإن النفوس إلى الأسهل أسرع، وإذا أسرعت الاستجابة، تحقق إسقاط الفرض، وحصول الأجر. والثاني من وجوه الخير: كثرة المشقة التي يتوفر بها الثواب .. ) (١).
ومن أوجه الخيرية في النسخ:
١ - حصول الأجر والثواب على الامتثال والانقياد والتسليم (٢)، وزيادته إن كان النسخ إلى أشد (٣)، قال تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (٧١)} الأحزاب:٧١، والتيسير على المكلف إن كان النسخ إلى أخف.
٢ - الابتلاء والاختبار لعباده ليظهر الصادق في إيمانه - فينال الخيرية - من الكاذب، قال تعالى: {لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ} الأنعام:١٦٥.
٣ - تأليف قلوب العباد للتكاليف وتطويرها إلى مرتبة الكمال من خلال التدرج في التشريع، مراعاة لحداثة الناس بالجاهلية، وتطور أحوالهم، فيكون أدعى للقبول، ومثاله: التدرج في تحريم الخمر، والتدرج في فرض الصيام.
٤ - تطييب نفس النبي - صلى الله عليه وسلم - ونفوس أصحابه في تمييز هذه الأمة وفضلها، ومن ذلك تحويل القبلة إلى الكعبة.
٥ - وبالجملة فكل آية ثبت فيها النسخ ففيها حكمة وخير، فالشارع الحكيم يعلم مصالح خلقه ولا يشرع لهم إلا الخير سواء علموه أو خفي عنهم، فالنسخ رفع وإنزال للآيات لمقتض {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ} النحل:١٠١ حسب تغير الأحوال والظروف والأزمان (٤).
(١) الواضح ١/ ٢٥٤.
(٢) ينظر: مناهل العرفان ٢/ ١٦٣.
(٣) ينظر: كشف الأسرار ٣/ ١٨٧.
(٤) ينظر: كشف الأسرار ٣/ ١٦٠.